منذ اتفاقية «أوسلو»، دخل المسرح الفلسطيني نفقاً مظلماً بعد فترة «ذهبية» ترافقت مع افتتاح فرنسوا أبو سالم «مسرح الحكواتي» (1984) الذي أسهم في انطلاقة جديدة للحركة المسرحية الفلسطينية. لكن بعد الاتفاقية، أصبحنا نشاهد مسرحيات الدعم لـ«السلام المنشود». منذ ذلك الوقت، لم نعد نرى مسرحيات مثل «قصة العين والسن»، و«الزبال»، وعشرات المسرحيات التي أضحكت وأبكت الجمهور الفلسطيني الذي لم ينقطع عن دعم ومشاهدة كل ما هو جميل.
صرنا نشاهد «كلهم أبنائي» لمسرح القنصلية الأميركية، و«عقد هيلين» لمسرح القنصلية الفرنسية، وأصبح بعض الفنانين من أصحاب أرباع المواهب خبراء في استضافة هذا القنصل وذاك. سنوات، وأغلق المسرح، وأوقفت العروض، ومُنع مؤسسه فرنسوا أبو سالم من دخوله. وربما كان هذا سبباً في انتحاره في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بعدما قُطع عنه الهواء... وهو الذي لا يجيد التنفس إلا على خشبة المسرح. احتلت «الحكواتي» مجموعة من المنتفعين الصغار الذين اختصروا إنجازات الحركة المسرحية الفلسطينية في شخوصهم. استبدلوا أبو سالم بآخر توّجوه طاغية صغيراً. راح الطاغية الصغير يعيّن أعضاء للهيئة الإدارية ويأخذهم إلى أوروبا من أجل الترفيه عنهم، وهم بالمقابل يوقعون له على ما يشاء من تقارير إدارية ومالية وهمية. ولأسباب تتعلق باستدراج الممولين، سمّي مسرح الحكواتي «المسرح الوطني الفلسطيني». اسم مفرغ من مضمونه... حيث لم يعد مسرحاً ولا وطنياً ولا فلسطينياً. القدس ومؤسساتها الثقافية الحقيقية لم تسلم من الاستخدام في سوق الجمعيات غير الحكومية، فتكونت في القدس جمعيات للسينما والمسرح والموسيقى، تعمل جميعها بتمويل أجنبي وتبعية أجنبية كاملة، وتنتج مشاريع تناسب أجندة وذوق الممول فقط من دون اكتراث للمجتمع المقدسي الذي يتاجر بأشلائه. لذلك، صارت كلمة التمويل هي الكلمة السحرية لاختراق تقوقعات شلل المثقفين وعاطلي السياسة ومن بقي من مخلفات النضال الغابر. وتجلت هذه السياسة في «المسرح الوطني الفلسطيني» في السنوات الأخيرة، فخرج المدير بفضيحة فساد من دون حرج وترك المسرح لمجموعة عيّنت نفسها كهيئة إدارية غير منتخبة. وعلى الطريقة المصرية، ذهب مبارك وبقي النظام... وها هو أحمد شفيق يحاول القفز على ظهر الشعب من جديد. من أجل هذا، نحاول اليوم إنقاذ «الحكواتي» من زمر الفساد والأمية التي اختطفته. نحاول اليوم إعادته إلى المسرحيين وإعادة المسرحيين إليه. نحاول التصدي لمختطفي المسرح الذين يمنعون عودة روح فرنسوا أبو سالم إلى بيتها، كما منعوه من دخول مسرحه. نحاول... ولا تبدو الثقافة السائدة في زمن الاحتلال معنيّة بذلك!
www.reformpnt.blogspot.co.il
* مخرج وممثل ومؤسس «فرقة مسرح الرواة» في القدس المحتلة
6 تعليق
التعليقات
-
أكتب يا اسماعيلأكتب يا استاذنا وأفضح عواراتهم التي لا ساتر لها,ولا تستوحش طريق الحق لقلة سالكيه ان كلماتك المنيرة أزالت الكثير الكثير من عفن الان جي اوز
-
فلسطين والتمويلومن قال ان مسرحية كلهم ابنائي ليست بتمويل امريكي وكذلك ناجي وكذلك حكواتي في الحكواتي وعشرات الاعمال والبرامج الفنية التي تنفذ بتمويل امريكي واوروبي وعربي كلها تصب في دعم التوجه نحو السلام فنحن مع السلام المشرف والعادل ولا اعتبر ذلك شرطا من الممولين بل هو مطلب فلسطيني والتمويل الغربي والامريكي يغطي اكثر من 90 بالمئة من المشاريع في فلسطين ، المهم بالنسبة لي هو هل ما ننجزه يخدم بلدنا وشعبنا وقضيتنا ام انه يخدم اغبيائنا والكذبة المتسترين تحت اسماء مستعارة للتغطية على المشاريع البلهاء الممولة ايضا من الغرب والتي يشاركون فيها وبما يضر قضيتهم وشعبهم . اما عن اتهام مدير المسرح السابق بقضايا فساد فهذا ادعاء يحتاج الى دليل ( قل هاتو برهانكم ان كنتم صادقين ) ولو ان كاتب التعليق السابق صادق في ادعائه لوقّع باسمه حتى تتم مراجعته لان هذه قضية قذف علني وتشويه ولا تقال جزافا الا ان تتم الادانة القضائية ، فكفى عبثا وتشويها دون دليل ولا اقول لكم اتقوا الله لانكم لا تعرفونه بل اقول اذا لم تستح فاصنع ما شئت
-
مسرح القنصلية الامريكية "اقتباس" وعلى لسان مدير مسرح الحكواتي السابق والمتهم بقضايا فساد...وهذا الاقتباس نشر في مجلة الحياة المسرحية -دمشق العدد"87" وحيد تاجا.. في حواره مع مدير عام المسرح الوطني الفلسطيني بالقدس ألقى الضوء حول قضية تأمين الدعم اللازم للعمل المسرحي، وأن وجود دعم غربي أميركي مشروط بأن يصب في دعم( عملية السلام) أو إبراز الثقافة الغربية ومواضيع تناولها الحوار بما يخص المسرح الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والمسرح فيهما وطبيعة هذا المسرح "انتهى الاقتباس" هذا تأكيد من مدير المسرح الوطني بأن مسرحية كلهم ابنائي هي من انتاج القنصلية الامريكة في القدس وبالتالي المسرحية ليست عمل مسرحي بريء بل هي تصب في خدمة السياسة الامريكية الخارجية ,ولن ننسى مسرحية مع حبي ناجي .وهي ايضا من انتاج القنصلية الامريكية والتي حولت الفلسطيني الى انسان بحاجه للطعام وليس بحاجه لوطن
-
مسرحية كلهم ابنائيمرفق رابط مسرحية كلهم ابنائي لمن يرغب في معرفة نوعية الاعمال التي يقدمها المسرح الوطني الفلسطيني - الحكواتي ، ويبدو لي ان كاتب المقال يخلط الامور او انه لا يعرف عما يتحدث http://www.youtube.com/watch?v=rfIDUjEIk_g&feature=relmfu اما عن منع فرانسوا من دخول المسرح فهذا مناف للحقيقة فقد كنت المدير الفني للمسرح منذ 2088 وحتى نهاية 2011 وكان فرانسوا يتردد على المسرح كغيره من الفنانين ويقدم عروضه دون ان يدفع اجرة المسرح وكان يتمتع بتقدير واحترام كل من في المسرح . وقد اطلقنا اسمه على القاعة الكبرى بعد وفاته ولا نمن عليه بل هو جزء من ردنا لجميله كمؤسس واحد اعمدة المسرح الفلسطيني . اما الطاغية كما تسميه فقد ترك المسرح منذ عام فما الذي فعلته للمسرح منذ ذلك الحين ؟ اما التمويل الاجنبي المشروط فلم نتعامل معه يوما وكنا دوما نختار اعمالنا ونصوغها بما يخدم مجتمعنا وقضيتنا وسنستمر على نفس المنوال ولن نعادي من يطلب صداقتنا طالما ان كرامتنا وثقافتنا فوق جميع الاعتبارات . اما انقاذ المسرح فنحن بانتظار انجازاتكم ونتمنى لكم التوفيق لان المسرح بحاجة لجهود الجميع
-
التمويل والفسادكلام موزون ويشخص حالة الترهل التي باتت القدس تعيشها في الاونة الاخيرة لا شك ان الواقع الثقافي الفلسطيني اصبح في مهب الريح وخصوصا قطاع الفنون المرئية كالمهرجانات الغنائية والانتاجات المسرحية التي تدر على الممول والممول ارباح صافية خالية من الضرائب وكله بحجج واهية كالصمود واظهار المعاناة للغرب الذي هو سبب معاناتنا العربية