صنعاء | إضافة إلى عدم تمتّعه بالنزاهة والاستقلالية، ها هو القضاء اليمني يضيف صفةً أخرى إلى سجله السلبي الحافل. لقد قدّم نفسه في الاسبوع الماضي بصفة الجاهل والغافل عما يحدث من تطوّر في المجال المعلوماتي وعدم تفريقه بين الكتابة في جريدة وبين الكتابة على الفايسبوك. هكذا، لم تجد محكمة ابتدائية في مدينة البيضاء (جنوب صنعاء) أي مانع من إصدار حكم بالسجن لمدة عام على الصحافي ماجد كاروت وتغريمه مبلغ 200 ألف ريال (ألف دولار) على خلفية اتهامه بنشر مقال على الموقع الأزرق ينتقد فيه أداء إحدى الجهات الحكومية الخدماتي في المدينة. وصدر الحكم من دون اتخاذ أبسط الاجراءات القانونية المفترض القيام بها في هذه القضايا مثل استدعاء المُدعى عليه للمثول أمام المحكمة، وسماعه التهم المنسوبة إليه.

كل هذا رغم أنّ كاروت يعمل لدى إحدى الجهات القضائية في المدينة نفسها كمنسق للعلاقات العامة، ما يعني سهولة الاتصال به ومطالبته بحضور الجلسات.
لكن كل ما فعلته المحكمة هو نشر إعلان في إحدى الصحف الحكومية المحدودة الانتشار التي تصدر في مدينة أخرى غير تلك التي يقيم فيها كاروت تُعلم المدعى عليه بضرورة الحضور لسماع الشكوى المقدمة ضده.
لكن عندما حضر كاروت إلى المحكمة، كان القاضي قد دخل في إجازة خاصة استمرت خمسة أشهر، ليعود فجأة صباح الاثنين الماضي ويعلن جلسة عاجلة نطق في ختامها بحكمه في حق الصحافي الذي كان وقتها يعمل في وسط المدينة على تغطية إحدى الفعاليات الاحتجاجية. وهناك، وصله اتصال هاتفي من أحد الزملاء في المحكمة يخبره بأنّهم يعقدون جلسة بشأن قضيته. لكن عندما حضر إلى القاعة، كانت الجلسة قد انتهت ونطق القاضي بحكمه.
موقع «المصدر أون لاين» الإخباري المستقل الذي يعمل الصحافي ماجد كاروت مراسلاً له، أصدر بياناً تضامنياً قال فيه «إن هذه القضية وبغض النظر عن كيديتها وعدم صحة اتهاماتها أو سلامة اجراءاتها، فإنّها تمثل سابقةً خطيرةً يمكنها أن تؤسس لمحاكمات تعسفية لا نهاية لها وخرقاً للقوانين السارية»، فيما أعربت منظمة «مراسلون بلا حدود» عن صدمتها من الحكم.
أما نقابة الصحافيين اليمنيين، فقد أوردت في بيان أصدرته أخيراً أنّ عدم سلامة اجراءات التقاضي والتعسف الواضح في اتخاذ هذا الحكم يثيران قلقاً بالغاً لديها «كما أنّ الحكم فضيحة وسابقة من شأنها الاساءة الى القضاء كونه يتعامل مع إشارة على صفحة الفايسبوك، وهو عالم افتراضي يصعب تحديده والسيطرة عليه».
وأكدت النقابة أن الحكم الصادر بحق كاروت يكشف جهلاً فاضحاً بالمادة المنشورة التي كانت حيثية أساسية في الحكم. وتابعت أنّ الاستعجال بالنطق بالحكم وعدم استيفاء اجراءات التقاضي كالتحقيق مع الصحافي يدلان على أنّ «هناك نزعة انتقامية من الزميل وأنّ الحكم أتى من باب تصفية الحسابات على خلفية كتاباته ومواقفه وآرائه».
لكن يبقى المثير والمضحك في القضية أنّ ماجد كاروت لم يكتب ذلك المقال محل التقاضي على صفحته عبر
الفايسبوك. لقد كتبه شخص آخر، ثم قام بوضع إشارة «مشاركة» Share ليظهر المقال على صفحة الصحافي المغلوب على أمره الذي وقع ضحية محكمة وقاض لا يفقه في أمور الفايسبوك شيئاً.