رغم الضائقة المالية التي تمرّ بها القنوات اللبنانيّة، إلا أنّ المنافسة في ما بينها تتواصل ضمن إمكاناتها المحدودة. الحرب المستعرة على إرضاء الجمهور، دفعت كل محطة إلى اصطياد برنامج كانت قد اختارته شاشة زميلة، وتتوقع أن يحقّق لها نسبة مشاهدة مرتفعة. وجديد المعارك بين الشاشات المحليّة تمثّل في حجب برنامج «فيل أور نو فيل» مع ميشال أبو سليمان عن قناة «الجديد»، وإهمال mtv اتخاذ أي قرار بشأنه طوال الأسابيع الماضية.
هكذا، طار من محطة، ولم يغطّ في أخرى حتى الآن... فما مصير البرنامج الذي حظي بمتابعة إعلاميّة لافتة قبل تصوير حلقاته التجريبيّة، وخصوصاً بعدما رفضت قناة المر ظهور الصديق الدائم في «حديث البلد» ضمن برنامج مستقل على محطة أخرى؟
بعد استبعاد ميشال أبو سليمان عن التقديم، عادت سيرة البرنامج إلى التداول بمعطيات مختلفة، واقترب بتّ مصيره. خلال الأيام المقبلة، يوقّع العقد النهائي لبرنامج «فيل أور نو فيل» بين رئيس مجلس إدارة Otv روي الهاشم، والممثل والمنتج شربل زيادة صاحب شركة Falling Stars مالكة البرنامج. وقد اتخذ زيادة قرار الانتقال إلى Otv، بعد اعتذار إدارة «الجديد» عن عدم عرض العمل «إذا لم يقدمه ميشال أبو سليمان». ويروي زيادة أنّه «بحكم الصداقة التي تجمعني بالممثل وسام صباغ، طرحتُ عليه الفكرة فأعجب بها». هكذا، وصل البرنامج إلى الشاشة البرتقاليّة التي رحبت بتنفيذه، راصدةً له ميزانيّة كبيرة. ويعتمد البرنامج على استضافة نجوم الغناء والتمثيل والفن، وتقوم فكرته على ما يعرف في اللهجة المحكيّة بـ«تطيير الفيولة» وقدرة المذيع على إقناع الضيف بالكذبة. وكانت حرب المحطات قد اشتعلت فور الكشف عن أنّ ميشال أبو سليمان سيقدم برنامجاً على «الجديد» من دون أن يتخلى عن موقعه في «حديث البلد» على mtv، وخصوصاً أنّ البرنامجين مختلفان شكلاً ومضموناً. ولم تتوقف المعارك عند هذا الحد، بل اقترح «الجديد» منح أبو سليمان مساحة أكبر على شاشته، شرط انسحابه من mtv. وردت الأخيرة بعرقلة إطلالة ميشال على «الجديد» الذي بدأ البحث عن اسم بديل لتقديم الحلقات، ثم توقف الحديث عن البرنامج كلياً. بعد ذلك، حمل شربل زيادة برنامجه إلى mtv، لكنه لم يلقَ أي جواب إلى أن انتهى به المطاف في Otv. وإذا كان رفض «الجديد» للبرنامج من دون ميشال أبو سليمان هو اعترافاً ضمنياً بأنّها سعت إلى قطف حضوره وخفّة ظله، يفسّر رفض mtv للبرنامج بأنّ المحطة لا تريد أن تعزز مكانة أبو سليمان في إطلالة أوسع عبر شاشتها. ولعل حرباً خفيّة أخرى تدور في كواليس المحطة الواحدة، فهل تدخّل «أحدهم» لقطع الطريق على إطلالة منفردة لميشال على الشاشة؟
وفي دفاتر الصراع أكثر من برنامج أوقف على محطة، وانطلق على أخرى، أو تعرقل تنفيذه على واحدة، فتبرعت ثانية لإنجازه. في الفترة الأخيرة، خرج الثنائي الكوميدي الناجح شربل إسكندر وميلاد رزق من «اربت تنحل» على «الجديد» لتقديم برنامج «محلّو» على LBC. وسرعان ما طار البرنامج من دون الكشف عن سبب إيقافه. ثم وجدا الطريق إلى Otv، واستقرا في برنامج «مش معقول». وقبل ذلك، انتقل فريق «لا يمل» للمخرج ناصر فقيه من «المستقبل» إلى mtv.
ولا تقتصر المعارك على تنازع البرامج والأسماء الناجحة محليّاً، بل تسعى القنوات إلى سحب حقوق البرامج العالميّة. وقد تردّد أن mtv تطبخ على نار هادئة النسخة العربية من برنامج الطبخ العالمي Master Chef، بهدف عرضه في مواجهة Top Chef على LBC. وسبق لرئيس مجلس إدارة mtv ميشال غبريال المر، أن سحب حقوق الـ«موركس دور» من عدوّه اللدود بيار الضاهر. كذلك سبقه إلى توقيع عقد النسخة العربيّة من The Doctor، فقدمت LBC برنامج «لازم تعرف». وبينما كان المر قد اتخذ قراراً بمنع ظهور نيشان على شاشته عقاباً له على «تنكّره» للمحطة التي فتحت له أبوابها، وهجرها يومها لتقديم برنامجه «إل مايسترو» على LBC، ها هي الحرب الضروس بين المرّ والضاهر تجعل الأول يسامح نيشان كي يسجل هدفاً في مرمى خصمه؛ إذ كانت «المؤسسة اللبنانية للإرسال» تفاوض «الحياة» لعرض برنامج الإعلامي اللبناني بالتزامن مع عرضه على شاشتها. وبهذا سحب المر البساط من تحت قدمي الضاهر، فكان نيشان الفائز الأكبر. وتبقى معارك المحطات مشرّعة على مصراعيها. واليوم، يتركّز الصراع على برنامجي «ستار أكاديمي» و«ديو المشاهير» بين LBC الأرضيّة من جهة، والفضائيّة من جهة ثانية، علماً بأنّه سيعرض أحدهما في الخريف المقبل. فهل يفوز بيار الضاهر بهما، أم يتمكن الوليد بن طلال من التعاقد عليهما لمصلحة القناة الفضائيّة؟