قبل حوالي أسبوعين، انتشر على الفايسبوك فيديو قصير (1,27 د) بعنوان «موسيقى والسّلام» يصوّر رحلة للمغنية بديعة بوحريزي (Neyssatou) في أرجاء تونس، تلتقي خلالها أشخاص من أعمار مختلفة، وتطرح عليهم سؤالاً واحداً: «تسمع موسيقى؟». في الخلفية، تُسمع مقاطع أغنيات لكلّ من تامر أبو غزالة، ومريم صالح، وفرقة «نشاز»، وبوحريزي. ثم جاء الفيديو الثاني (35 ثانية) مقطعاً لأغنية بصوت ياسمين حمدان مع إشارة إلى تاريخ «14حزيران/ يونيو».
ثم الفيديو الأخير الذي كشف عن ماهية المشروع: إنّه «ملتقى قرطاج الدولي للموسيقى البديلة» الذي تنظمه مجموعة «موسيقى والسلام». الفيديو ضمّ مقاطع من أغنيات تامر أبو غزالة، مريم صالح، «مشروع ليلى»، كاميليا جبران، بديعة بوحريزي وخيام اللامي، وكلّهم من المشاركين في المهرجان الذي يفترض انطلاقه اليوم في «متحف قرطاج».
في حديث لـ «الأخبار»، أخبرنا الموسيقي الفلسطيني تامر أبو غزالة المقيم في القاهرة ومؤسس شركة «إيقاع»، عن أهمية تخصيص مهرجان للموسيقى المغايرة والمستقلة في تونس، خصوصاً بعدما انطلقت مهرجانات مماثلة في مصر ولبنان والأردن. ورأى أنّ احتضان تونس هذا المشروع الجديد بادرة أمل كبيرة للساحة الفنّية المستقلة، فـ«هذه المهرجانات ستشكل علامة فارقة في تاريخ تطور الموسيقى البديلة في الوطن العربي» معتبراً أن نموها هو نتيجة حتمية لنمو جمهور هذا النوع من الفنون في المنطقة.
طوال أيام المهرجان، سيحتفي الجمهور التونسي بمجموعة فرق وموسيقيين عرب اختيروا بناءً على معيار واحد: أن لا تكون الموسيقى تراثية بل صاحبة هوية عربية. على امتداد ستة أيام، يستضيف المهرجان كلّاً من التونسية بديعة بوحريزي، واللبنانية ياسمين حمدان (14/ 6)، ثم فاضل بو بكر، ومريم صالح وزيد حمدان، وفرقة «بومج» (15/ 6). أما السبت 16 حزيران، فسيشارك كلّ من تامر أبو غزالة وفرقة «نشاز». والأحد سيكون يوماً للاستراحة ليعود المهرجان مع كلّ من فرقة «بربروتس» و«لاباس» (18/ 6)، ثم فرقة «مشروع ليلى» (19/ 6). ومسك الختام سيكون الأربعاء 20 حزيران مع العراقي خيام اللامي والفلسطينية كاميليا جبران.
تقول جبران المقيمة في باريس إنّها ستقدّم في المهرجان أغنيات من ألبومها الأخير «ونَبني» بالتعاون مع الموسيقي السويسري فرنر هاسلر. تقول: «في زيارتي الأخيرة إلى تونس قبل ثلاثة أشهر، لاحظت أنّ ردود فعل الجمهور كانت مميزة وبدا قابلاً لتلقّف الجديد. لذا أتوقع أن يحظى هذا النشاط باستقبال جيد من قبل الجمهور هذه المرة أيضاً».
تضم مجموعة «موسيقى والسّلام» 7 أعضاء، منهم التونسية بديعة بوحريزي التي قالت إنّ أهمية المهرجان تكمن في جمع الفنانين القادرين على إحداث التغيير وسط ركود الموسيقى العربية. وتضيف: «نحن كجموعة نؤمن بأن الفنّ قادر على التغيير، بل هو عبارة عن سلاح فتاك».
هذا اللقاء الأول للموسيقى البديلة في بلد محمد البوعزيري يعدّ نموذجاً لما تشهده المنطقة من إنتاج موسيقي، وامتداداً لمنصات كثيرة تقدم الإنتاجات الجديدة التي تستحق الوصول إلى
الجمهور.
مجموعة «موسيقى والسلام» ستعمل على استمرار المهرجان في السنوات المقبلة. تقول بديعة بوحريزي: «نحن نعيش في فترة أصبح فيها المشهد الموسيقي عبارة عن قرية يعرف فيها كلّنا الآخر. للأسف، لم نتمكن من استضافة العديد من الفنانين في هذه الجولة، لكن سيكون لنا الفخر أن يتواجدوا معنا في مهرجانات الموسيقى المستقبلية... والسّلام».

«ملتقى قرطاج الدولي للموسيقى البديلة»: بدءاً من اليوم حتى 20 حزيران (يونيو) ـــ متحف قرطاج، تونس ـــ للاستعلام: 0021620647097 ـــ https://www.facebook.com/MousiqaWassalem




حيرة ما بعد العنف

بعدما فرضت الحكومة التونسية حظر تجول ليلي (بدءاً من التاسعة) في ثماني ولايات إثر الاشتباكات التي اندلعت بين متظاهرين سلفيين، وقوات الأمن احتجاجاً على معرض فني أقيم في ضاحية المرسى (شمال العاصمة) واعتبرت رسومه «مسيئة للذات الإلهية»، امتلأت صفحة «موسيقى والسلام» على فايسبوك بأسئلة تتعلّق باستمرار المهرجان في موعده المقرر. وردّت بديعة بوحريزي بأنّهم يفاوضون المسؤولين وبأنّهم سيقدّمون مواعيد المهرجان كي لا يلغوه، إلا أنّهم ما زالوا ينتظرون جواب السلطات المعنية حتى لحظة كتابة هذه السطور.