الحديث عن العلاقة بين المواطن العربي والفايسبوك بات يحتاج إلى مؤلفّات ضخمة، تبحث اجتماعياً ونفسياً وحتى تاريخياً، في الصلة بين المستخدِم والموقع الأزرق. العربيّ الذي اضطر إلى كبت مشاعره وآرائه وصراخه طيلة سنوات (قُل عقوداً)، صار يمكنه إفراغ كل تلك «المكبوتات» بمجرّد تحريك أصابعه على الكيبورد... ولك أن تتكهّن الموضات و«القفشات» التي سينتجها ذلك على موقع التواصل الاجتماعي. آخر صرعات الفايسبوك «العربي»، هي أن يقلب شباب مصريون «الاقتباسات»، أو أقوال المشاهير، رأساً على عقب. منذ فترة، ومستخدمو الموقع الأزرق يتداولون صوراً لبعض الشخصيات السياسية والفكرية والفنية، مرفقةً بعبارات لم يقولوها حقاً. كل ما في الأمر أنّ مصمّمي الصور «قوّلوهم» إياها على سبيل الإضحاك والسخرية، أو حسب الغايات التي يريدونها من ذلك.
هكذا، قد تفاجأ وأنت تتصفّح الموقع بصورة لابن سينا، وقد كُتب إلى جانبها: «كل ما يُنشر على ألسنة المشاهير على الفايسبوك هو كذب وافتراء» فتعرف كُنْه هذه «الصرعة». أغلب الصور التي ينتقيها مصمموها بعناية لتناسب كلامهم، ستسبّب لمشاهدها موجة ضحك هستيرية. «ما توقفش قدام المروحة، وانت لسه مستحمّ» بإمضاء المهاتما غاندي، و«عليّا الطلاق ما فيش آي فون بـ 300 جنيه» إلى جانب صورة مؤسس شركة «آبل» ستيف جوبز، و«الإسلام هو الحل» (كارل ماركس)، و«الليبرالية يعني أمك تنزل من غير حجاب... أيوه أمك أنت!» (ليدي غاغا)، و«النار ما تحرقش مؤمن، لأنه ما بيعملش السندوتشات بنفسه» (كولونيل ساندرز، مؤسس سلسلة مطاعم «كنتاكي»)، و «لا تجعلوا كرة القدم تلهيكم عن ممارسة الرياضة» (ليونل ميسي)! وسرعان ما خرجت «الفكرة» من الإطار المصري. بتنا نشاهد صورة للممثل أنتوني كوين مقتبسة من فيلم «عمر المختار» وإلى جانبها كُتب: «لو كنت أعرف أن القذافي هو الذي سيحكم البلد، كنت سلّمتها للطليان وخلّصنا الفيلم من أوّل ربع ساعة»، وأيضاً «ثقتي في الله أولاً، وبن علي ثانياً» بإمضاء راشد الغنوشي، رئيس «حركة النهضة» الإسلامية التونسية الحاكمة. مجدداً ينتزع المصريون براءة اختراع لهذه الصرعة التي غزت ديار فايسبوك العرب!