عندما ينفق مخرج من طراز ريدلي سكوت (1937) ١٣٠ مليون دولار على شريط خيال علمي، ينبغي للمشاهد أن يتوقّع فيلماً استثنائياً. هذا السينمائي الذي سَرّ العالم بأفلام مثل «غلادياتور» و«جسد من الأكاذيب» لا بد من أن يخطف الأنفاس بفيلم فلسفي يحمل اسم الأسطورة الأغريقية بروميثيوس الذي حارب الآلهة من أجل البشر. لكنّ سكوت لم يوفَّق هذه المرة.لا يحتاج المشاهد إلى انتظار نهاية الفيلم ليدرك أنّه تعرّض لخداع كبير. يكتشف أنّ العمل الذي يُفترض أن يكون محمّلاً بالأفكار الفلسفية، لا يتعدّى كونه فيلم خيال علمي تقليدياً، مزيناً ببعض الأفكار التي يحوم حولها من دون الغوص فيها.

كأنّ السينمائي البريطاني أراده مجرد تمهيد لسلسلة ينوي استكمالها، وهو ما يظهر من خلال نهاية الفيلم المفتوحة.
الانطلاقة لم تكن بالزخم المطلوب، وخصوصاً أنّ المشاهد يرفع سقف توقعاته. في حملاته الترويجية، يدّعي الشريط البحث في مسائل وجودية كالخلق وعلاقة الإنسان بخالقه. يمنح سكوت الفيلم اسم البطل الأسطوري الإغريقي الذي تحدى زوس بعدما أحبّ البشر وأراد منحهم قوة تشبه قوة الآلهة عندما أوكلت إليه مهمة تصميمهم. هكذا، أوقف البشر على قدمين (وهو امتياز حصري للآلهة) وسرق شعلة المعرفة من الآلهة، ليعطيها للبشر، ما أدّى إلى غضب زوس ومعاقبته على فعلته. من هذه الفكرة، ينطلق «بروميثيوس». تدور أحداث الشريط في السنوات الأخيرة من القرن الحادي والعشرين، عندما يكتشف علماء على الأرض بعض الرسوم والرموز المرسومة في بعض الكهوف تشير إلى مخلوقات فضائية وآلهة تدعوهم إلى زيارتها سعياً للخلود. وكي يتعرّف البشر إلى خالقهم، تتوجه سفينة «بروميثيوس» في مهمة نادرة إلى الفضاء. سرّ الخلق وثنائية الخير والشر، والحب والكراهية وتبدّل القوى بين الإنسان والله كسوة «برّانية» يرتديها الشريط ليدرك المشاهد بعد وقت قصير أنّ «بروميثيوس» لا يتعدّى كونه شريطاً تقليدياً عن الكائنات الفضائية التي تريد كوكباً بديلاً لكوكبها، وهي الفكرة المشتركة التي تجمع هذا النوع من الأعمال. المأساة الحقيقية في الفيلم هي تسخيف الأفكار التي كان يمكن استغلالها. اللقاء الوحيد بين الخالق والبشر ينتهي من دون حوار، بل يقتل الخالق جميع البشر (بينما صَنع فيلم Matrix حواراً بين المهندس الذي يمثّل الله والبطل نيو، ما وضع فلسفة كاملة للشريط)، فضلاً عن محاولة سكوت استرضاء المؤمنين وأداء دور المبشر من خلال حفاظ البطلة (نومي راباس) على صليب منحها إياه والدها، وتمسكها بالإيمان. علماً بأنّ الشريط ينسف نظرية الخلق الدينية برمتها. وهنا، نشير إلى الدور التبشيري الذي يتكاثر في السينما الهوليوودية تزامناً مع ازدياد التطرف الديني في الولايات المتحدة في العقد الأخير.
صحيح أنّ المخرج استطاع أن يقدم فيلماً ممتازاً من الناحية التقنية، غير أنّ الضحالة الفكرية أسهمت في إضعافه، رغم أنّه كان أكثر الأعمال انتظاراً من الجمهور هذا العام. وهذا ما يبرّر سرعة صعوده في الأسابيع الأولى لعرضه، قبل أن يصاب بنكسة، محقّقاً 180 مليون دولار حتى اليوم، أي بنسبة تقارب 25 في المئة من قيمة إنتاجه، فيما حقق Gladiator للمخرج نفسه أرقاماً وصلت إلى 400 في المئة من قيمة إنتاجه! فهل يغيّر ريدلي سكوت رأيه ويكون الفيلم الأول والأخير في هذه السلسلة؟ أم أنّه يصحّح أخطاءه في النسخ المقبلة؟ الجواب برسم أرقام شباك التذاكر التي لا تبدو مغرية تماماً كما هي حال الشريط.

Prometheus: «سينما سيتي» (01/899993)، «أمبير دون» (01/792123)، «أمبير غالاكسي» (01/544051)، «أمبير سوديكو» (01/616707)







النبي موسى ورمسيس الثاني

صرّح ريدلي سكوت أنه يقوم حالياً بإعداد فيلم عن قصة النبي موسى وفق ما ورد في العهد القديم. وأكّد السينمائي البريطاني أن شريطه «سيركز على علاقة النبي موسى بالملك رمسيس الثاني فقط»، إذ يُشاع أنهما عايشا حقبة زمنية واحدة. من ناحية أخرى، يعمل سكوت حالياً على فيلمه The Counselor، الذي يتوزّع أدوار بطولته عدد من النجوم، هم مايكل فاسبندر، وبراد بيت، وكاميرون دياز، وبينيلوبي كروز، وخافيير بارديم. وتدور أحداث الشريط حول محام شاب يستغل معرفته بثغرات القانون للعمل في تجارة المخدارت.