يعود ريدلي سكوت إلى شباك التذاكر مجدداً. وهذه المرة، يختار فئة الخيال العلمي التي أكسبته نجاحاً نقدياً وجماهيرياً في أول مسيرته السينمائية، بعد فيلميه Alien (1979) و Blade Runner (1982). لم تكن تجربة المخرج البريطاني في هذين الشريطين مجرد نجاح تجاري، بل أسهمت في إعادة تعريف هذه الفئة بصورتها الحديثة، حيث تؤدي الحبكة القاتمة والسوداوية دوراً رئيسياً إلى جانب الإنتاج الضخم والمؤثرات الخاصة.
بعد نحو ثلاثة عقود على ابتعاده عن هذه النوعية من الأفلام، يقدم «بروميثيوس» الذي يعود فيه إلى هذه الفئة ضمن إنتاج ضخم مبهر تدور حبكته كما هو معتاد في المستقبل، وتحديداً في الفضاء الخارجي، حيث تشكل ثنائية الرحلة والبحث العمود الفقري الذي تستند إليه
الحبكة.
في عام 2089، بعد عثور كل من عالمي الآثار إليزابيث شو (نومي راباس) وتشارلي هولواي (لوغان مارشال ـــ غرين) على خريطة من بقايا حضارات قديمة على الأرض، يتقرر إرسال السفينة الفضائية «بروميثيوس» بتمويل من بيتر ويلاند (غي بيرس) مع طاقمها: إليزابيث شو وتشارلي هولواي، الروبوت دايفيد (مايكل فاسبيندر)، قائد الرحلة جانيك (إدريس إلبا) وميريديث فيكرز مراقبة شركة «ويلاند» (تشارليز ثيرون) وغيرهم لتتبع الخريطة علّها تقود إلى الإجابة عن أسئلة تتعلّق بأصل الإنسان. تصل السفينة إلى القمر LV-223 عام 2093، وتذهب إليزابيث شو وتشارلي هولواي ودايفيد لاستكشاف الهيكل الغريب الذي هبطت السفينة قربه. ومن هنا، تتطور الأحداث بحسب التعريف النمطي للفيلم من إرادة استكشاف أصل الإنسان وبدايته، إلى اكتشاف خطر قد يؤدي إلى القضاء عليه تماماً.
الإنتاج ضخم بلا شك. لقد كلّف إنتاج الفيلم الذي صوِّر كاملاً بتقنية الأبعاد الثلاثة بين 120 إلى 130 مليون دولار، رافقته حملة ترويجية مكثّفة بدأت منذ العام الفائت. والنتيجة انطلاقة جيدة في شباك التذاكر الأميركي والأوروبي. إلى جانب ذلك، تفاوتت آراء النقاد في استقبال العمل. وبينما أكّد الجميع جودة الإبهار البصري الذي يحمله الشريط، توجهت سهام النقد إلى إخراج ريدلي سكوت للسيناريو عبر مقارنة لا مفر منها مع فيلمه Alien. لاحظ النقّاد اختفاء جرعة الرعب والتوتر في عمله الجديد. على صعيد التمثيل، يبدو أن مايكل فاسبيندر سرق الأضواء مجدداً، وهو استثمار مهم يرفع رصيد الفيلم. على أي حال، لا تتوقّع الأوساط خارج الدوائر الهوليوودية أن يحقق ريدلي سكوت قفزة نوعية في «بروميثيوس» الذي يحمل الرقم عشرين في رصيده، وخصوصاً بعد أفلامه في العقد الأخير التي راوحت بين السيئ (روبن هود) إلى المقبول (رجل عصابة أميركي)، لكن في جميع الأحوال، يكفي ذلك لهوليوود، ما دام يدرّ عليها المال في موسم الصيف.