للدورة السابعة على التوالي، تستعيد سينما «متروبوليس أمبير صوفيل» أبرز الأفلام التي عُرضت في «مهرجان كان السينمائي الدولي» ضمن تظاهرة «أسبوع النقاد» التي تعدّ واجهة السينما الجديدة و«بارومتراً» يرصد التوجّهات السينمائية الشابة مضموناً وأسلوباً جمالياً. تدار هذه التظاهرة التي أُنشئت في العام 1961، بإشراف «جمعية نقاد السينما الفرنسيين»، وتعنى باكتشاف المواهب السينمائية الشابة ورصدها على القارات الخمس. ومن ميزاتها أنّها لا تعرض سوى الأفلام التي تعد الأعمال الأولى أو الثانية لمخرجيها.
هذا الأمر كرّسها منذ 51 عاماً مختبراً لرصد التجارب المميزة الكفيلة بضخ دماء متجددة في شريان المهرجان. من «أسبوع النقاد» انطلقت العديد من الأسماء التي أصبحت لاحقاً من ألمع رواد الكروازيت، من برناردو بيرتولوتشي إلى كين لوتش، مروراً بفيليب غاريل، وباربيت شرودر، ووانغ كار واي، وجاك أوديار...
تفتتح «متروبوليس أمبير صوفيل» برنامجها مساء اليوم بشريط «كم يغيظني غيابه» بحضور مخرجته الفرنسية ساندرين بونير (1967 ــــ راجع الصفحة المقابلة). هذا الفيلم كان قد قُدِّم ضمن العروض الخاصة في «كان» خارج المسابقة الرسمية. وهو عمل ذو منحى نفسي يسلّط الضوء على العلاقة الإشكالية بين مادو (الكسندرا لامي) وطليقها جاك (ويليام هورت) الذي يعاود الظهور فجأة في حياتها، بعد عشر سنوات من الانفصال. وإذا به يتعلق بابنها بول (7 سنوات) الذي أنجبته من زيجة ثانية. ويتخذ الفيلم من صلات التجاذب والتنافر التي تتنازع هذا الثالوث الإشكالي خلفية نفسية للكشف عن جرح غائر كان سبباً في طلاق مادو وجاك، وهو فقدان ابنهما ماثيو في حادث سير حين كان والده جاك أمام المقود. على مدى تسعة أيام (من 2 إلى 11 تموز/ يوليو)، تستعيد التظاهرة البيروتية خمسة أفلام روائية طويلة من بين الأفلام السبعة التي دخلت مسابقة «أسبوع النقاد» في «مهرجان كان» الأخير، وفي مقدمتها الأفلام الثلاثة التي تقاسمت جوائز هذه التظاهرة. في فيلمه Aquí y Allá (هنا وهناك ــ 9/7) الذي حاز «الجائزة الكبرى» في «أسبوع النقاد»، يصوّر المكسيكي أنطونيو مانديز إيسبارزا التمزق النفسي الذي يؤرق عاملاً مهاجراً يعود إلى مسقط رأسه في الريف المكسيكي، بعد سنوات طويلة من الاغتراب في الولايات المتحدة. ويأمل ببداية حياة جديدة مع زوجته وبناته، وتحقيق حلمه في تأسيس فرقة موسيقية. لكن مشاريعه سرعان ما تصطدم بمشاق الحياة الريفية وندرة فرض الشغل، مما يبقيه معلقاً بين الرغبة في البقاء وسط ناسه وأهله وبين إغراءات العودة إلى الـ«هناك» الأميركي.
في فيلمه «البرية» (4/7) الذي حاز جائزة «جمعية السينما المستقلة» ACID ، يرصد الأرجنتيني أليخاندرو فادل رحلة تيه خمسة مراهقين يفرون من السجن، على أمل الإفلات من المطاردة بغية الاحتماء في ملجأ للأيتام. لكنّ ذلك يتطلّب منهم قطع نحو مئة كليومتر وسط الأحراش البرية، حيث يقتاتون من الصيد، ويتقاسمون الألعاب الطفولية والمشاحنات والمتع الصغيرة... أما الفيلم الثالث، فهو عمل توثيقي للمخرج البلغاري إيليان ميتيف، بعنوان «سيارة الإسعاف الأخيرة في صوفيا» (11/7 ــ جائزة «اكتشاف أسبوع النقاد») الذي يسلّط الضوء على المعاناة اليومية لثلاثة عناصر من الإسعاف يبذلون قصارى جهدهم لإنقاذ حياة المرضى والمصابين أثناء حوادث المرور في العاصمة البلغارية التي يقطنها مليونا نسمة، ولا تتوافر فيها سوى 13 سيارة اسعاف فقط!
في البرنامج أيضاً فيلمان روائيان آخران كانا ضمن المسابقة في «كان». الأول يحمل عنوان Au Galop (10/7) للفرنسي لوي ـ دو دو لانكيسان (بطل فيلم «بوليس» لمايوان) الذي يروي قصة أم وزوجة شابة تدعى أدا تبدو سعيدة للغاية بحياتها الزوجية وابنتها الصغيرة. لكنّ تحولاً عاصفاً يجتاح حياتها حين تتعرف إلى كاتب شاب يدعى بول يعيش حياة مضطربة تتوزع بين رعاية ابنته الصغيرة وأمه المسنّة... أما الفيلم الثاني، فيحمل عنوان «الباعة الجوّالون» (5/7) للهندي فاسان بالا الذي يرصد المصائر المتشابكة لرجلين وامرأة تجمعهما حياة التيه والتشرد في مومباي، مدينة الأشباح التي تعج بالملايين من «المعذبين في الأرض» من أمثالهم.
ويُعرض أيضاً فيلمان روائيان قُدِّما في «كان» ضمن العروض الخاصة لكن خارج المسابقة، هما Broken (3/7) للبريطاني روفوس نوريس، و«أوغوستين» (8/7) للفرنسية أليس فينوكور. يروي الأول قصة فتاة تدعى «سكونك» إثر مشاهدتها اعتداء بالغ الوحشية، مما يحوّل حياتها إلى جحيم، ويستبد بها الوسواس الذي يجعلها تتوهم أنّ كل شيء حولها أصبح عدائياً بدءاً من جيران الحي إلى رفاق الدراسة. أما الفيلم الثاني فهو عمل تاريخي تدور أحداثه في نهاية القرن التاسع عشر، ويرصد علاقة إشكالية تنشأ بين بروفيسور في الطب ومريضة شابة يبدأ اهتمامه بها بدافع الاستفادة من حالتها في أبحاثه حول مرض الهستيريا، لكنها سرعان ما تتحول إلى هوس جنسي يستبد به...
تتضمن التظاهرة أيضاً برنامجاً خاصاً بالأفلام القصيرة والمتوسطة يضمّ عشرة أعمال ستُعرض خلال سهرتين (6 و7 تموز)، وفي مقدمتها شريط «ليس هذا فيلم كاوبوي» (7/7) للفرنسي بنجامين باران الفائز بسعفة الفيلم القصير في «كان». يرصد الشريط الصدمة الفكرية والجمالية التي تصيب المراهقين فانسان وموسى، إثر مشاهدتهما على التلفزيون فيلم Brokeback Mountain، رائعة أنج لي الشهيرة التي تروي قصة حب مثلية في أوساط رعاة البقر في الريف الأميركي.

«أسبوع النقّاد»: ابتداءً من اليوم حتى 11 تموز (يوليو) ـــ «متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفية ــ بيروت) ـــ للاستعلام: 01/204080 ــــ
www.metropoliscinema.net
ــــ تبدأ العروض عند الثامنة مساءً