يبدو أن الضحك يعاني أزمة حقيقية في لبنان! البرامج الكوميدية لا تزال تسجّل انحداراً في المستوى والمضمون، بينما لم تنجح محاولات الـ «ستاند آب كوميدي» المحلية خصوصاً مع افتقارها إلى الخبرة. هكذا، اختُزلت التجارب على المسارح والشاشات بالإيحاءات الجنسية، والمديح والهجاء السياسيين، والسكتشات العنصرية، والعروض الساخرة من المثليين. من هنا جاءت الدورة الأولى من «المهرجان الدولي للضحك في بيروت» الذي انطلق أمس في «مسرح مونو». المهرجان المستمر لغاية 7 تموز (يوليو)، يشهد مشاركة 4 من أشهر الفكاهيين الفرنكوفونيين، هم ياس، وD’jal، وسعيدو أباتشا، ودونيل جاكسمان. المهرجان، إذاً، أمام تحدٍّ أساسي، وهو أن يستحقّ اسمه، وخصوصاً أنه يحاول بث تجربة مختلفة من العروض الكوميدية. قدّم الرباعي الكوميدي سلسلة عروض في عدد من الدول، افتُتحت في دكار، لتنتقل بعدها إلى أبيدجان في ساحل العاج، قبل أن تحط رحالها في بيروت. هذا يعني أن العروض لن تضيع في المتاهات اللبنانية، ولن تغرق في يومياتها، ما يشكل اختباراً لقدرة الكوميديين على تقديم ما يحاكي اهتمامات اللبنانيين ويستدرج ضحكاتهم، علماً أن ياس هو النجم الأول في العرض. عروض ياس أثارت جدلاً، وخصوصاً في نظرته إلى الأفارقة الفقراء، وإلى الفرنسيين «الحضاريين»، في مقابل دفاعه عن المسلمين الذين يعانون عنصرية الأوروبيين، ما جعله محطّ أخذ وردّ، بين مديح وانتقاد. صديقه دجال، اشتهر مع ظهوره في برنامج Jamel Comedy Club (الذي أسسه الكوميدي الفرنسي المغربي جمال دبوز). شارك في عدد من المهرجانات العالمية، وتعرّض لانتقادات واسعة من أفراد الجالية المغربية في باريس لسخريته من لهجتهم، لكنّه بذلك يبرز العنصرية التي يتعرّض لها هؤلاء في مجتمعهم الجديد. أما سعيدو أباتشا الفرنسي المتحدر من أصول كاميرونية، فعروضه هي الأكثر حدة. منذ انطلاقته عام 1996، قدّم نفسه بأنه «ممثل صاحب قضية»، وخصوصاً أنّ أعماله ترتكز على الدفاع عن الفقر وتحارب العنصرية الأوروبية والاستعمار، ما يجعل تجاربه أقرب إلى الكوميديا السوداء. ويبدو دونيل جاكسمان، الفرنسي الكاميروني الأصل أيضاً، الأقل عرضة للجدل بين زملائه، بسبب قدراته العالية كممثل يتمتع بمهارات احترافية، تجعله الأقرب إلى الأداء المتكامل، فضلاً عن ذكاء حاد يتجلّى في تصميم عروضه ومسرحتها.
اللافت في أعضاء المهرجان، وفي الـ «ستاند آب كوميدي» أنّ «أبطاله» فرنسيون من أصول مهاجرة يعكسون هواجس الفقر والتمييز والتهميش، ما يجعل عروضهم تحاكي الواقع. صحيح أن المهرجان فرنكوفوني أكثر من كونه دولياً، إلا أنّه حصد إعجاب الآلاف في كل مدينة حل فيها، فهل يستحق اسمه في نسخته اللبنانية؟




«المهرجان الدولي للضحك في بيروت»: حتى 7 تموز (يوليو) ـــ «مسرح مونو» (الأشرفية ـ بيروت) ــ للاستعلام: 01/202422