في رسالة إلكترونية وجّهها رئيس الجامعة الأميركية في بيروت إلى آلاف الأساتذة والطلاب، أوّل من أمس، وصف بيتر دورمان تعاطي «الأخبار» مع واقعة منح دونا شلالا شهادة فخرية خلال حفلة التخرّج السنويّة يوم 22 حزيران الفائت، بأنّها «تغطية متطرّفة». وهذا الأمر لا يحدث كلّ يوم: أن يتناول رأس الهرم في مؤسسة أكاديميّة هي بين الأعرق في المنطقة، جريدة معيّنة بالاسم، في معرض ردّه على حملة تعرّضت لها جامعته، بعد استفزازها الرأي العام اللبناني وكرامته الوطنيّة، علماً بأن ما فعلته «الأخبار» يومذاك كان تخصيص صفحة الرأي للقضيّة، بمشاركة طلاب الجامعة وأساتذتها، بعيداً عن أيّ تغطية ميدانيّة. كتب دورمان: «الرسائل المتداولة (...) بعنوان «ألا يمكن أن تبحث الجامعة الأميركية في بيروت عن غير أصدقاء إسرائيل لتكرّمهم؟» (...) من الأدبيّات التي تتناقض مع تاريخنا في تكريم المميّزين العرب وأصدقاء العالم العربي من أمثال إدوار سعيد، وهيلين توماس، وحنان عشراوي». وتابع رئيس «الأميركية» رسالته التي طغى عليها الطابع الدفاعي: «انتقد بعضهم إدارة الجامعة لمنحها شهادات تكريم لأفراد لا يلتزمون حملة فلسطين لمقاطعة إسرائيل أكاديمياً وثقافياً، وهي مبادرة هدفها عزل إسرائيل. أنا أدافع عن حقّ هؤلاء في اتخاذ هذا الموقف المبدئي الذي يستفزّ كثيرين. لكن لا يمكن أن تخضع قرارات المؤسسة لاختبار تفرضه مطالب مجموعات خارجية. وإلا على سبيل المثال، لما قرّرت الجامعة الأميركية تكريم إدوار سعيد الذي أطلق الحوار الثقافي من خلال رعايته فرقة موسيقية فلسطينية ـــ إسرائيلية».
يساوي دورمان إذاً ـــ تحت راية الانفتاح والتمسّك بحريّة التفكير ـــ بين المفكّر الفلسطيني الراحل والناشطة الصهيونيّة دونا شلالا. كما يوحي بأن مقاطعة إسرائيل مطلب «مجموعات خارجيّة»، في حين أن عدداً لا يستهان به من أساتذة الجامعة وطلابها، توجّهوا مراراً إلى إدارتهم، مطالبين بمقاطعة كلّ من تربطه صلة بإسرائيل. ولعلّ التعاطي مع هؤلاء كمجرّد تابعين لأجندات من خارج الجامعة، تشكيك بكفاءتهم وبنزاهتهم وبحرية التعبير التي يتباهى بها الرئيس في رسالته.
وأخيراً، لم يفت دورمان التذكير بأنّه ولد في لبنان عام النكبة: «لم يفارقني يوماً الشبح المروّع لفقدان الفلسطينيين أملاكهم، وسياسة الاستيطان الإسرائيلية غير الأخلاقية والمدمّرة ذاتياً في نظري». شكراً سيّدي الرئيس على هذه اللفتة، ونعاهدك على أن تبقى «الأخبار» ـــ من دون تطرّف ـــ في الخطوط الأولى للمواجهة. من واجبنا المهني والأخلاقي صدّ كل محاولات «أنسنة» جرائم هذا الكيان الغاصب الذين أشرتم إليه في رسالتكم.
(الأخبار)