للعام الثاني على التوالي، يطل علينا الفنان الشاب علي طليس (21 عاماً) بلوحات مميزة ستشغل قسماً من معرض Beirut Art fair. المعرض الذي ينطلق اليوم في «بيال» سيحضن لوحات علي التي حملت عنوان «عالم التوحّد الملوّن» Colorful Autism World التي تتمحور حول الطبيعة من أشجار وغابات.
يعاني علي من التوحّد الذي يمنع تواصله مع الآخرين، ويؤدي إلى اضطرابات في اكتساب مهارات التعليم السلوكي والاجتماعي، لكن الفنان الشاب ومن هم حوله، وجدوا طريقة تُبعدهم عن الاستسلام للتوحّد، فعملوا على ترويضه وفهمه. هكذا، كانت النتيجة أعمالاً فنية جميلة. نقيبة التصميم الغرافيكي والرسم التوضيحي في لبنان ريتا سعد مكرزل، تتابع علي عن كثب، وخصوصاً في الشهرين السابقين للمعرض. تستمتع مكرزل بالعمل مع طليس، فهي التي اكتشفت موهبته في إحدى المسابقات، عندما أراها بعضاً من رسومه في المدرسة. حتى إنها تذكر كيف عملا معاً على تحويل الحركات المكررة التي يفعلها عادةً المصابون بالتوحد من عادة سلبية إلى إبداع إيجابي. بكل شغف، تتحدث عن الموضوع، وتشرح أن «عادة التوحد هذه ساعدتنا كثيراً، فالنقاط الكثيرة والمكررة التي رسمها على اللوحات كانت مثل «ماكينة الدرز»، وأعطت الرسوم رونقها الخاص». وتضيف مكرزل إن علي طموح، محب للألوان والموسيقى والمرح، «ويرى الأمور أجمل مما نراها نحن بسبب وضعه الصحي، لذا يجسدها بالروعة نفسها التي يراها». أما عن اختيار محاور المعرض وأسماء اللوحات، فتقول مكرزل إن كل هذا التحضير كان من اختصاص علي، بينما هي تشرف عليه فقط.
في نسخة العام الماضي من المعرض، باع علي الكثير من أعماله وحصل على 26 ألف دولار، حيث راوحت أسعار اللوحة بين 750 و3000 دولار. وجرى استثمار المبلغ في مشروع يهدف إلى تحسين المرافق الفنية في «الجمعية اللبنانية للتوحّد»، إضافة إلى منح علي المعدات اللازمة لعمله.
لم يمر وقت طويل على مقاربة الأعمال الفنية العربية لموضوع التوحّد. قبل ذلك كان المريض لا يلقى إلا الشفقة. أما اليوم، فقد أصبح المجتمع على دراية أكبر بهذا الخلل. حتى في الدراما، لم يعد الموضوع مهمشاً، بعدما تجرأ المخرج السوري سمير حسين وقدّم منذ سنوات مسلسل «وراء الشمس» (2010)، الذي يروي قصة شاب مصاب بالتوحد، حتى إنّ الشاب الذي أدّى الدور كان مصاباً بالتوحد، وليست لديه خبرة في التمثيل. إذاً، بدأ المجتمع العربي يخرج من أفكاره المسبقة ونظرته إلى بعض الاضطرابات التي كانت تندرج ضمن «التابوهات»، فلكل شيء في هذه الحياة جانب خفيّ جميل، لا بدّ من إظهاره بشتّى الطرق.
www.beirut-art-fair.com