القاهرة | هل هي مشروع حقيقي أم مجرّد محاولة جديدة لتشويه صورة الإسلاميين كما يفعل الداعمون لـ«جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»؟ تقوم الجماعة المزعومة حالياً بترهيب المصريين في الشوارع، من خلال حوادث فردية للتأكيد بأنّ ذلك هو عقاب «للملايين» ممن رفضوا اختيار ممثل النظام القديم في الانتخابات الرئاسية، وفضلوا المرشح الإخواني. في هذا المناخ، ستنطلق «ماريا» في الأول من رمضان في أحد المباني السكنية في القاهرة.
بعد فورة قنوات الدعاة عام 2005، ها هو الإعلان عن ولادة الفضائية الخاصة بالمنقّبات يشعل جدلاً في الأوساط الإعلامية التي أعربت عن رفضها لقناة مماثلة من الأساس، وخصوصاً أنّها ستكون مخصصة لإجراء حوارات مع منقبات، وتدور كل برامجها عن النقاب والحياة الزوجية على امتداد ستّ ساعات يوميّاً، هي مدة بثها في المرحلة الأولى.
لم تقابل خطوة إطلاق المحطة الجديدة بالترحيب. بل ارتسمت علامات استفهام عديدة حول جدوى إطلاق قناة للمنقّبات، وعن نياتها وأهدافها وخلفياتها، وخصوصاً أنّ المحطة ستعرض برامج تستقبل سيدات يلبسن النقاب الأسود طوال الوقت على الشاشة، فمن الأفضل هنا أن يقدم المشروع من خلال محطة إذاعيّة. مديرة القناة، صفاء الرفاعي، أكّدت أنّها وفريقات العمل (20) سيمضين قدماً في المشروع من خلال اقتطاع ست ساعات من بث قناة «الأمة» في المرحلة الأولى، وهي المحطة التي يملكها الشيخ السلفي أبو إسلام أحمد عبد الله أبرز المهاجمين لـ«حملات التنصير والتبشير» في مصر. وكانت الرفاعي من أبرز الداعمات للمرشح السلفي المستبعد من انتخابات الرئاسة حازم صلاح أبو اسماعيل. أما فضائية «الأمة»، فقد أطلقت حملة تبرعات لإنقاذها من الإفلاس، لأنّ إمكاناتها تقل كثيراً عن قدرات القنوات السلفية المعروفة، ومن بينها «الناس» و«الحكمة» و«الرحمة» و«الحافظ». بعض هذه الفضائيات تحوي برامج للسيّدات، وهناك برامج صباحية تقدمها المنقّبات أحياناً. من هنا، كان السؤال عن جدوى إطلاق قناة مستقلة لهذه الشريحة من النساء. توضح صفاء الرفاعي أنّ جمهور المنقّبات في مصر كبير، يحتاج إلى مساحة إعلامية خاصة به تخاطبه في هذه الظروف، إذ «لا يصحّ أن تتوجه المحجّبة بكلامها إلى المنقّبة»! ورأت صفاء الرفاعي أنّ «ماريا» جاءت لتعيد الاعتبار للمنقّبات اللواتي تعرّضن للاضطهاد والفصل من عملهن طوال سنوات، مشددة على أنّ «النقاب هو الحجاب الشرعي الواجب على نساء الأمة الإسلامية».
هكذا تبدو فلسفة القناة التي استعانت بعناصر غير ملتزمة في المرحلة الأولى لغاية تدريب الكوادر الفنية التي ترتدي النقاب. كما استعانت بمحمد دنيا، أحد مخرجي المنوّعات والكليبات في التلفزيون المصري، قبل أن يلتزم دينياً في السنوات الأخيرة وهو المشرف الفني على القناة، إلى جانب مجموعة من المصوّرات السافرات، سيتم الاستغناء عنهن لأنّ «عملهن مؤقت» كما تقول صفاء الرفاعي التي تعتبر أنّ «النقاب أهم شرط للعمل عندنا». وبعد ذلك، ستكون القناة بكل من فيها أمام الكاميرا وخلفها من المنقّبات. وتابعت الرفاعي أنّ المرأة التي ترفض ارتداء النقاب عند حلولها ضيفة على برامج المحطة، فستلجأ العاملات فيها إلى وضع «ثقب أسود» يخفي وجهها أو «نكتفي بمداخلتها هاتفياً». وسيُمنع على الرجال إجراء أي مداخلة هاتفية بأحد برامج المحطة! وستكون «ماريا» مثل قناة «الأمة» الحاضنة لها. ستقدم برامج مسجلة، وخصوصاً أنّه لا مقرّ خاصاً بها مجهّزاً لتقديم البرامج على الهواء مباشرة في هذه المرحلة. أما البرامج، فتركز على الأمور النسائية والزوجيّة بما يناسب طبيعة السيدة المنقّبة وثقافتها. وستقدّم في رمضان برامج عدة، من بينها «تجارة لن تبور» (تقديم مديحة الصاوي) و«فقه الصيام» (الرفاعي مع سحر حسين). اللافت أنّ الخيانة الزوجية تجد مكاناً لها على شاشة «ماريا» أيضاً. برنامج «مذكرات امرأة» مثلاً سيناقش الموضوع، لكن من زاوية مغايرة.
ويبقى السؤال الأهم: من هو مموّل القناة؟ سؤال ترفض صفاء الرفاعي الإجابة عنه. ويبدو أن جمهور «ماريا» (معناها الأخت في الله)، سينتظر حتى يشاهد البرامج، ويتحقق من أهدافها ليعرف من هو الذي يقف حقاً خلف النقاب؟ فهل تكون المحطة الجديدة أول خطوة على طريق تأسيس شبكة إعلاميّة إسلاميّة؟