عكا | لم يعد الفايسبوك موقعاً للتواصل الاجتماعي فحسب، بل صار يُستخدم كصفحة تعبّر عن أفكار صاحبها أو صاحبتها أيضاً. إنّه بمثابة «جدارية» في شارع افتراضي، تشكل بطاقة تعريفية واضحة عن الشخص. بالإضافة إلى ذلك، صار الموقع الأزرق مساحة لإحياء أحداث تاريخية أو ذكرى عظماء رحلوا عنّا قبل أن يحتل الفايسبوك هذا الحيز من حياتنا، لكنّهم حاضرون في قلبه وأحاديثه وأفكار أصحابه. لذا، احتل غسان كنفاني الموقع قبل أيام من حلول ذكرى استشهاده الأربعين. حملت الـ Status عبارات مقتبسة من إحدى مقولات صاحب «عائد إلى حيفا»، وأخرى ذكرت كنفاني بشكل أو بآخر.
والأكثر تداولاً على الفايسبوك كان تغيير صورة «البروفايل» ووضع إحدى صور غسان كنفاني أو وضع الملصق الذي صممه الفنان الفلسطيني حافظ عمر وكتب عليه هذا العام الجملة التي قالها صاحب «أم سعد»: «إنّ الإنسان هو في نهاية الأمر قضية».
الملصق وُضع أيضاً على صفحة غسان كنفاني على الفايسبوك. هناك قرر صاحب الصفحة أن يطرح الفيسبوكيون سؤالاً متعلقاً بالذكرى الأربعين لاستشهاده: «أربعون عاماً على استشهاده وما زالت ساعته تدق وتشير إلى فلسطين وفقط فلسطين. ماذا نقول لغسان كنفاني اليوم؟». 33 إجابة (حتى لحظة كتابة هذه السطور) في صفحة يصل عدد المنتسبين إليها إلى 24490. ومن الأجوبة: «كنت أتمنى أن يشاهد بعينه الربيع العربي وكيف يتم خلع الطغاة». في المقابل، كتب أحد الشباب: «عذراً غسان». أما المغردون على تويتر، فقد اعتمدوا هاشتاغ «غسان كنفاني 40» وتوزعت التغريدات بين اقتباسات من كتبه، وإعادة التذكير بتسلسل الأحداث في يوم مقتله، روابط لرسوماته، وصورة لغرافيتي يحمل وجه كنفاني على أحد جدران الأراضي المحتلة عام 1967.
كان السؤال الأبدي الذي تكرر ويتكرر في كلّ ذكرى لرحيل الشهيد هو: «لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟». هكذا كتبت المدونة منال الغميدي: «ما قاله غسان للفلسطينيين هنا قبل خمسين عاماً وهو عمر هذه الرواية (رجال في الشمس) إنّ الهروب ليس الحلّ، ولقمة العيش ليست القضية، قاوموا الموت... دُقّوا باب الخزان».
رغم أن مواقع التواصل الاجتماعي مبنية على النمط الموسمي بالضجة التي تثيرها حول موضوع ما، إلا أنّ الحالة كانت مختلفة مع غسان كنفاني، وخصوصاً بسبب تأثيره على عدد كبير من الشباب في فلسطين والعالم العربي الذي يواجه يومياً آليات القمع بوجوهها المختلفة حاملاً الشعار الموحّد للمعلم العكّي: «أنا أحكي عن الحرية التي لا مقابل لها، الحرية التي هي نفسها المقابل».