دمشق | قد يحق لجمال سليمان ما يحق لغيره من النجوم السوريين. سفير الدراما السورية إلى العالم العربي مهّد الطريق أمام مشاركات سورية عديدة في أرض الكنانة. النجم السوري الذي أطلق عليه سابقاً «فنان السلطة»؛ لأنّه صهر الوزير السابق محمد سلمان، أحد رموز نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد، لم يتردد في أحد لقاءاته التلفزيونية في المطالبة بإلغاء المادة الدستورية التي تنص على أنّ «حزب البعث» حاكم للدولة والمجتمع. منذ ذلك الوقت، تخلّص نجم «التغريبة الفلسطينية» من لقب «فنان السلطة»، وصار عرضةً لحقد بعض رجالات النظام. ومع اندلاع الأزمة السورية، وقف بطل «صلاح الدين» إلى جانب المطالب المحقة للشعب السوري وحاول أن يسهم في صياغة حل ما.
وبالفعل أطلق مع حميه، الوزير السابق، مبادرة وطنية شارك فيها بعض رموز المعارضة وشخصيات مرموقة في المجتمع السوري، ونالت مباركة واسعة ممن اطلعوا على بنودها، ثم توجت باجتماع أصحاب المبادرة مع الرئيس السوري، لكنّه لم ينتج من كل ذلك سوى الكلام...
بعدها، سافر الممثل السوري للمشاركة في فاعليات «مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي» (الأخبار عدد 31/10/2011) فقوبل بهجمة إعلامية شرسة أطلقها موقع «جهينة نيوز» الموالي للنظام، تمثّلت في بث أخبار كاذبة مفادها أنّ سليمان وجّه رسالة حبّ من منصة المهرجان إلى تلفزيون «الجزيرة». في ما بعد، تلقى صاحب «حدائق الشيطان» تهديدات بالقتل منعته من العودة إلى دمشق تزامناً مع حملة إعلامية أطلقها بعض الإعلاميين والفنانين السوريين الذين قرروا توثيق أي إجراء يتخذ بحق زميلهم... لكنّ الموقع الإلكتروني لم يتوقّف عن توجيه الإهانات والشتائم بلغة مبتذلة. مع ذلك، مرت القصة على خير وعاد سليمان زائراً يومياً لمقهى «الروضة» الدمشقي. لكن مع عودته إلى مصر لتصوير مسلسله «سيدنا السيد» الذي يعرض حالياً، حدث أن اجتمع مع زميله الممثل عبد الحكيم قطيفان، ورجل الأعمال فراس مصطفى طلاس، والمعارض السوري وليد البني. فإذا بالجميع يفاجأ بفبركة صورة لهم مع المعارض برهان غليون والقيادي الإخواني رياض الشقفة (الأخبار 9/6/2012). وترافق ذلك مع شنّ هجوم جديد على سليمان، ردّ عليه بنفسه في الصحافة. كل ذلك بالتزامن مع قيام السلطات السورية بهدم منزله في حي الفيلات في المزة من دون سابق إنذار. ومع تصاعد حدة الأزمة السورية، خرج سليمان عبر لقاءات تلفزيونية كان آخرها منذ أيام عبر برنامج «استوديو بيروت» الذي تقدّمه جيزيل خوري على قناة «العربية». هنا، طالب سليمان بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد، خاتماً حديثه بمقولة للمعلم السويدي انغمار بيرغمان يقول فيها: «قررت أن أتناول قبعتي من على المشجب قبل أن يعطيني إياها أحد». هذا الموقف أثار ردود فعل كثيرة على الفايسبوك، وخصوصاً من المعارضين السوريين الذين عدّوا خطوة الممثل السوري متأخرة و«غير بريئة».
وفي اتصال مع «الأخبار»، يؤكد سليمان أنّ موقفه وصل إلى هذا الحد بعد الدمار والقتال الذي آلت إليه البلاد. وأضاف: «الواقع يتغير بتواتر سريع. من الطبيعي أن يتطوّر رأيي السياسي، ثم لا علاقة لما عانيته من النظام السوري بموقفي هذا؛ لأنني أستطيع أن أجد البدائل عندما يهدم بيتي، بينما هناك كثيرون من الشعب السوري دُمِّرت بيوتهم المتواضعة وأصبحوا اليوم لاجئين أو مشرّدين» ويشرح: «أقول للنظام، لا للرئيس بشخصه: لم يعد أمامه سوى الرحيل بعدما انتظر الشعب مشروعاً سياسياً بالإصلاح منذ 12 عاماً. لكنّ شيئاً من ذلك لم يحدث. بل ازداد الفساد والفقر، واشتدت القبضة الأمنية، ولدى خروج التظاهرات، قرر النظام قمعها بالقتل والتهديد والوعيد. ولن تجد الأصوات التي طالبت بتغيير ديموقراطي أي أذن صاغية». وعن المجهول الذي يلفّ المستقبل في حال سقوط النظام، وخصوصاً أنّ المعارضة عاجزة عن طرح بديل يتوحّد عليه السوريون، أجاب سليمان: «وصلنا إلى أمر واقع. سوريا اليوم تمتلئ بالجماعات المسلّحة التي لا نعرف خلفيتها ولمصلحة من تقاتل، واحتقان طائفي مرعب. والنظام وحده يتحمّل مسؤولية ذلك بتعنّته. لذا أكرّر ليس بوسعه اليوم سوى الرحيل».