دمشق | مع اشتعال فتيل معركة دمشق، بلغت الهجمة الإعلامية على النظام السوري ذروتها، فكان كافياً لأي مشاهد بعيد عن العاصمة أن يشاهد تلفزيون «العربية» لمدة 15دقيقة ليخرج بقناعة كاملة بأنّ النظام أوشك على السقوط. الخط نفسه انتهجته «الجزيرة» ومجموعة من المحطات ذات الخطاب التحريضي في الكثير من جوانبه، الذي يقع في مطبات عدة يلمسها جيداً الموجود في الميدان. في مقابل ذلك، لا تتوقف المحطات السورية عن المبالغة في طمأنة مشاهديها في كل الظروف، لكنّ الأمر لم يقف عند هذا الحد، بعدما جرى التشويش بالكامل على تلفزيون «الدنيا» قبل أن تعاود القناة الموالية للنظام البث على تردد جديد.
كل ذلك بمحاذاة ارتفاع بعض الأصوات التي حذّرت من حجب كلّ الفضائيات السورية مقابل مواصلة الحملة الإعلامية المعارضة للنظام في تضليل مشاهديها، للمساهمة فعلياً في إسقاطه.
في مواجهة ذلك، كانت المحطات الحليفة للنظام كـ «المنار» و«العالم» وnbn تستعد لبث المحطات السورية لو وقع هذا الحجب على نحو مفاجئ، لكن المفارقة المدهشة كانت بتنويه القنوات السورية الرسمية إلى وجود محطة مزيفة ومجهولة الهوية لكنّها تحمل شعار الفضائية السورية، وتبث أغنيات وطنية وأخرى تمجد الرئيس السوري مع صور للجيش النظامي. وقد ربط بعض الإعلاميين السوريين هذه الخطوة بما تناقلته تقارير أخيراً عن تصريحات لمسؤول في الاستخبارات الصينية (يُدعى إيشما سونغا) يؤكّد فيها أنّ شركة أميركية تسمى «آسا ديز داك ريلي» ستنتج فيلماً بعنوان «السقوط المدوي». وسيكون الشريط قنبلة إعلامية، سيُعرض على بعض المحطات العربية بهدف تفتيت معنويات الجيش السوري النظامي والمؤيدين له، والإيهام بسقوط النظام عبر بناء مشاهد لمجسمات ذات أحجام حقيقية لمقارّ ومعالم شهيرة في دمشق، منها القصر الجمهوري وجبل قاسيون ومطار دمشق الدولي... ويقضي المخطط ـ بحسب المسؤول الصيني ــ بتشفير المحطات الموالية للنظام، ولو لم تكن سورية ليعرض الشريط مستخدماً خدعاً سينمائية تظهر انشقاق كبار الضباط ووصول قائد الجيش السوري الحر رياض الأسعد إلى مسجد الأمويين مع أخبار عاجلة تؤكد زحف الجيش الحر على دمشق وفرار ما تبقى من نظام البعث... وأضافت هذه المعلومات إنّ تمويل المشروع يبلغ 36 مليار دولار ستدفعه كل من قطر ومصر ودول خليجية. طبعاً، مثّلت هذه المعلومات مادة دسمة لتقارير متلاحقة عرضتها المحطات السورية مثل الإخبارية و«الدنيا». لكن في مقابل ذلك، خرجت تقارير تكذب ذلك، مؤكدة عدم وجود مسؤول صيني بهذا الاسم، مزودة بشهادة من مسؤول المكتب الصحافي في السفارة الصينية في لندن، بأنّ اللقاء المزعوم لم يحصل على الإطلاق..... إذاً يبدو أنّ الحرب الحقيقية تجري في ساحات الإعلام الذي يكون تأثيره أحياناً أقوى وأشد وطأة من دوي الرصاص.