القدس المحتلّة | بين اللامبالاة والاستياء، تسير أكاديمية الدراما الخاصة بـ«مسرح وسينماتك القصبة» في رام الله، الذي يعتبر سفارةً للحوار و«التلاقح مع الآخر». ثمانية ممثلين، من بينهم ستة شباب شكّلوا الدفعة الأولى من متخرّجي «أكاديمية الدراما» التي انطلقت منذ ثلاث سنوات. تشارك هؤلاء الطلاب مع تسعة ممثلين ألمان في سنتهم الثالثة في جامعة Volkwang الألمانية التي تعتبر شريكاً لـ«أكاديمية القصبة»، ليخرجوا بعمل مشترك عرض أخيراً خلال احتفال تخريجهم بعد ثلاث سنوات دراسية. حمل العرض عنوان «لا بد من مكان جميل على هذه البسيطة أو مكان ضيق لأحلام واسعة» من إخراج مدير قسم التمثيل في الجامعة الألمانية يوهانس كلاوس. تشارك في كتابة نص العمل المكوّن من ثمانية نصوص ثنائية اللغة بالألمانية الكاتبان مورتس رينكه وماريو سالازار، بينما تولى الكاتب الفلسطيني غسان زقطان كتابة النص بالعربية.
منذ البداية، بدا العرض مدهشاً. فوجئ الحضور بالممثل الألماني الذي يخلع ملابسه مثل دمية يحركها أربعة ممثلين في مواجهة آلة التفتيش. استخدام تقنية الفيديو والموسيقى الحية في العرض كان موفقاً أيضاً، إلا أنّ أداء الممثلين الفلسطينيين جاء مخيّباً، ما كاد يوقع العرض في أماكن عدة. لم يتقن معظم طلبة «أكاديمية رام الله» نطق نصوصهم بشكل سليم، ولم نلمس معايشتهم للشخصيات التي يؤدونها، ما حوّل الأداء إلى نوع من التقليد الكرتوني.
التفوق الألماني لم يقتصر على الأداء. نصوصهم جاءت أكثر عمقاً في جانبها الإنساني الذي تناول «معنى الحرية» وتغيراتها في مواضيع عدة مثل تمجيد الأنا، الحب، القدرة على تخيّل مستقبل ما، والأمل في تحقيقه. على الضفة الأخرى، وقعت نصوص الكاتب غسان زقطان في مجموعة كليشيهات خطيرة، لعل أبرزها في نص «مخيم اللاجئين» الذي لم يستحدث أي جديد في طرحه (خيمة وبنات يقرأن الرسائل للأميين في المخيم... حصر القدس في الكعك المقدسي والباعة المتجولين).
جاء العرض ليزيد الانتقادات الموجّهة لطاقم التدريس في الأكاديمية. انتقادات تعرّض لها المشروع منذ بدايته في ما يخص حقيقة مؤهلات المدرسين. ويقول المنتقدون إنّ أغلب هؤلاء من المقربين لمدير المسرح ورئيس الأكاديمية جورج إبراهيم. كل ذلك يتم في غياب أي دور رقابي لوزارة التربية والتعليم على الأكاديمية المفترضة. يذكر هنا أنّ وزيرة الثقافة سهام البرغوثي «قامت بالواجب» حين حضرت جزءاً من العرض بعد إلقاء كلمتها.
خيبة الأمل هذه ليست جديدة. لطالما تعرّض جورج إبراهيم لانتقادات بسبب حرصه على بقائه في «الصدارة»، تلك التي منحته إياها سلطة أوسلو بعد إنتاج مسرحية «روميو وجولييت» مع مسرح «الخان» الإسرائيلي، و«مسرح وسينماتك القصبة» الذي يحظى بمقاطعة واسعة من مجموعة من الشباب والمثقفين في فلسطين المحتلة بعدما كسر موقف المقاطعة الثقافية والأكاديمية لإسرائيل الذي اتخذته وأقرته مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني. هذه النقطة بالذات فجّرها رئيس مجلس إدارة مسرح «القصبة» السابق خليل نخلة في رسالة استقالته قبل ثلاث سنوات. يومها، شكّلت تلك الرسالة بالنسبة إلى الكثير من مقاطعي «القصبة»، بينهم الشاعر زكريا محمد، «إعلاناً مباشراً عن بدء المواجهة الشاملة مع كاسري المقاطعة». قال نخلة في اعتذاره المفتوح إلى الناس: «سوف لا أصرخ كما فعل إميل زولا بأنني «أتهم»، لكن أصرخ الآن متألماً بأنّني «أعتذر». أعتذر للفترة التي كنت فيها رئيساً لمجلس إدارة «مسرح وسينماتك القصبة»، وأعتذر للفترة اللاحقة التي كنت فيها عضواً في مجلس الإدارة. أعتذر لأنني لم أنجح في هذين المنصبين في تصويب نهج عمل «مسرح وسينماتك القصبة» من حيث الاندفاع واللهفة للتطبيع مع العدو الصهيوني...». 
لنتذكّر أيضاً هنا شراكة مسرح «القصبة» مع مسرح «الخان» الإسرائيلي في إنتاج مسرحية «روميو وجولييت» (1994) التي حوّلت الصراع العربي الإسرائيلي إلى مجرد خلاف بين عائلتين «يعيشون في نفس الأرض منذ عصور سحيقة... بهدف التذكير بأنّ ثمن كراهية الأجداد هو موت المحبة» كما أوضح منشور العمل الذي ترجم يومها إلى لغات
عدة.