السبق الصحافي الذي تميّزت به LBCI مساء السبت، رفع اللغط عن مصير الزوّار اللبنانيين المحتجزين لدى قطّاع طرق في سوريا منذ أسابيع (الأخبار، ١١/ ٦/ ٢٠١٢). خلف الـ scoop يقف فداء عيتاني، المعروف بإلمامه الدقيق بالتيارات والحركات السلفيّة وتركيباتها، وقد تمكّن من مقابلة المسؤول عن المعتدين في جوار حلب، كما أوضح للمشاهدين. وأكّد في مراسلة هاتفيّة مع «المؤسسة اللبنانيّة للإرسال» أن جميع المخطوفين بخير، فيما عرضت المحطّة مقطعاً سريعاً (من دون صوت) من لقائه بأحد هؤلاء، وهو المخطوف علي زغيب.
من حقّ أي وسيلة إعلاميّة، طبعاً، أن تبحر في المياه الآسنة أحياناً، بهدف سام هو نقل الحقيقة، بمختلف وجوهها، إلى الرأي العام. لكن القواعد المهنيّة تلزم الصحافي في هذه الحالات الحساسة بالحياد: لا إدانة ولا تعاطف. وتلزمه بالبقاء على مسافة نقديّة من الخطاب الذي ينقله. أما فداء الذي لا يفوتنا أنّه خاطر بحياته في النهاية لتأدية عمله، وتحقيق هذا الإنجاز الميداني، فكانت ترشح من كلامه علامات… لنقل «التفهّم» (في أفضل تقدير) لمنطق زعيم العصابة الذي «قبِل أن يستقبله»، وردّد اسمه سبع مرّات خلال دقيقة ونصف. خيّل إلينا، وهو يحكي لنا عن أبو إبراهيم وعن إفطاره معه، أنّه التقى ماركوس، قائد «الجيش الزاباتي للتحرير الوطني»، في الشياباس، أو ـــ لمَ لا؟ ـــ تشي غيفارا الحاضر في تربيته السياسيّة. شعرنا لوهلة أن هذا «الثائر»، صاحب حق غير قابل للنقاش، في خطف الرجال الأبرياء العائدين من زيارة دينيّة. هل تماهى فداء مع منطق مضيفه؟ وكيف انزلق من دور الشاهد إلى دور الناطق باسم الأخير: «أبو إبراهيم يتمنّى إطلاقهم قبل عشرة أيّام («نعم»، تقول المذيعة)… فاليوم إذا بدنا نقول عشرة أيّام متل ما متفائل أبو إبراهيم، يفترض بالحكومة، وخاصة برئيسها، (أن) تقوم بخطوات عمليّة (التشديد على كلمة عمليّة)، تجاه الموضوع». متل شو فداء؟ تسأل المذيعة بفضول. «يعني على الأقلّ يفتح خطّ التفاوض». هكذا، من دون أن ينسب هذا الكلام إلى الخاطفين.
هل نسي زميلنا أنّه، حيث هو، يتحرّك ضمن ظروف غير طبيعيّة، ويخضع لشروط خاصة، وأن أداءه لا ينبغي أن يصبح بروباغاندا للخاطفين؟ على مدوّنته الجديرة بالاهتمام، نشر فداء عيتاني، بالصوت والصورة، مطلع «اللقاء» الذي أجراه مع الرهينة اللبنانيّة. نرى الرجل يستجمع قواه وسط هذه المهزلة: «علي زغيب. الضيف اللبناني عند الثوّار في حلب. تاريخ ٤/ ٨/ ٢٠١٢، جمعة… (يلجأ إلى ورقة أمامه) «دير الزور، النصر قادم من الشرق»». إذا كان علي هو «الضيف»، فماذا نقول عن فداء؟