القاهرة | الليلة، يطل محمد بشير على جمهوره في مسرح «ساقية الصاوي» (الزمالك، القاهرة) محملاً بأغانٍ جديدة تضاف إلى رصيده من أعمال الفولكور الصعيدي التي يقدمها منذ سنوات. بشير الذي عرفه الجمهور على نطاق واسع إثر مشاركته بأغنية «بتميْل» مع المخرج خالد يوسف في فيلم «أنت عمري» (2004)، يسعى إلى بلورة مشروع غنائي يعيد الاعتبار إلى التراث الشعبي، من خلال تحريره من القوالب القديمة، والعمل على عصرنته، والتركيز على «الأمثولات» الشعبية والقصص القصيرة ذات الدلالة، ما يشحن أغانيه بطاقة من الحكمة وتفاصيل الحياة اليومية أيضاً. يعتمد بشير (43 عاماً) بشكل رئيس على التراث الغنائي لقبائل الجعافرة التي ينتمي إليها، والتي جاءت من الجزيرة العربية لتستقر في مدينة أدفو في أسوان جنوبيّ مصر، إضافة إلى ذلك، يختار ما يلائم تجربته من أغنيات المدّاحين الكبار في الصعيد مثل عبد النبي الرنان، والشيخ أحمد البرين، والعزب الأسناوي. ويسعى إلى تطوير قوالب فنَّيْ «الكف» و«النميم» اللذين اختار منهما أغنية «نعناع الجنينة» التي اشتُهرت بعدما غناها محمد منير.يقول محمد بشير إنه يغني وفي وعيه تجارب «ملهمة»، مثل مشاريع الشاب خالد، ومداحي السيرة الهلالية، والمنشد الديني الشهير الشيخ نصر الدين طوبار، ويؤكد حماسته لفكرة «موسيقى الشعوب». صحيح أن بشير تعرّف إلى «كنوز الفولكلور» في طفولته، إلا أنّ إدراك قيمتها تأخر إلى سنوات دراسته الأدب العربي في «جامعة القاهرة»، حيث مكّنه أساتذة الفولكلور هناك، من تأمل أساليب الأداء التراثي، وإدراك تنوّعه. بشير الذي كان أوّل من غنّى «بتناديني تاني ليه»، يرى أن ما يقدّمه يتّسم بخصوصية فريدة، لأنّ «التراث الغنائي في الصعيد اختُزل في تجربة المطرب الكبير محمد منير، الذي اعتمد بشكل رئيس على التراث النوبي، لكن في المقابل، تم إهمال تجارب مهمة أخرى تعرضت للتهميش لأن أصحابها لم يتمكنوا من مغادرة الصعيد والمجيء إلى القاهرة». لا يعتقد محمد بشير أن تواصله مع «جمهور كبير» قد تأخر، ويعلّل ذلك قائلاً: «قبل 15 عاماً، كانت فرص السطوع في القاهرة ضعيفة جداً، بسبب احتكار الدولة فضاءات العرض والإنتاج، لكن السنوات الخمس الأخيرة شهدت مبادرات مهمّة أتاحت فرصاً كثيرة لتقديم مختلف التجارب الغنائية، فازدهرت الفرق الموسيقية المستقلة التي قدّمت مشاريعَ مغايرة لما كان سائداً في أماكن رسمت صورة الفن المصري المعاصر، مثل مسرحَيْ «الصاوي» و«الجنينة»». في حفلة الليلة، سيحتفي بشير مع جمهوره بالحرية، مقدماً أغنيات مطعّمة بالثورة، مثل «عديلة يلا بلادي». لا يخفي بشير تخوّفه من تقلّص هامش حرية الفنانين في ظل حكم «الإخوان المسلمين». مع ذلك، يستبشر بالمستقبل «الذي سيكون في صالح حرية التعبير». يضحك وهو يؤكد لنا أنّ الفولكلور الذي يتبناه في مشروعه «حافل بصور التحايل على الرقابة ومقاومة صور الاستبداد، سواءٌ كان دينياً أو سياسياً».



حفلة محمد بشير: 9:30 مساء اليوم ـــ مسرح «ساقية الصاوي» (الزمالك، القاهرة) ـــ للاستعلام: 002227368881ــــ www.culturewheel.com