كان لا بد من أن يطلق الداعية الوهّابي «درره» بحق علياء إبراهيم كي يتذكّر الرأي العام أنّ بعض هواة «الربيع العربي» الفاعلين لا يحملون لنا سوى زمن الانحطاط السحيق. أمس، تناقل نحو 600 مغرّد «الدرر» المسمومة التي كتبها الداعية السعودي موسى الغنامي: «مراسلة «العربية» في سوريا علياء إبراهيم لبنانية رافضية تابعة لـ«حركة أمل» تقوم بتصوير مداخل المجاهدين الحدودية لتهريب الطعام والعلاج والعصابة تقصفها».
انتشرت التغريدة كالنار في الهشيم، واقترنت ببيان على فايسبوك نسب إلى «الجيش السورّي الحر» وصف مراسلة المحطة السعودية في سوريا بأنّها من أخطر الإعلاميين، واتهمها بأنّها تنتمي إلى أحزاب لبنانية، ومن ضمنها «حزب الله» و«حركة أمل»، وتنقل المعلومات عن مواقع «الجيش الحرّ»». هذه الحملة المسعورة على المراسلة اللبنانية التي كانت تغطي الأحداث في حلب وريفها، دفعت القائمين على القناة إلى إخراجها فوراً من سوريا خوفاً على سلامتها، مع أنّ «الحملات المشابهة لما شهدناه أمس كانت متوقّعة»، وفق ما يقول مازن حايك لـ«الأخبار». المتحدث الرسمي باسم مجموعة mbc التي تضمّ قناة «العربية» أضاف أنّه حين يحضر «مراسل ما في منطقة صراع، فمن الطبيعي أن يعتقد الطرف الآخر بأنّه ضده ويناصر خصمه». وحين نذكّره بأنّ القناة السعودية منحازة أصلاً إلى «الجيش السوري الحرّ»، يجيب بأنّ «شاشتنا مفتوحة للكل»، وإذا كان هناك من عدم توازن في التغطية، فهذا «يعود إلى الطرف الآخر الذي يرفض الحضور في منبرنا». على أي حال، فالقضية في مكان آخر تتعلّق بهذا التحريض المذهبي الذي يندرج ضمن المسلسل الطويل من استهداف الإعلام أياً كانت توجّهاته وخلفياته وانتماءاته. يقول حايك إنّ «السلامة الشخصية والأمنية أهم من السبق الصحافي لدى المحطة. لذلك أخرجنا علياء أمس من الأراضي السورية حفاظاً على سلامتها». ويبدو أن الداعية السعودي المريض لم ينتبه أصلاً إلى أنّ إبراهيم من الإعلاميين المؤيدين للمعارضة المسلّحة في سوريا، وهذا ما دفع الناشطين والإعلاميين المحسوبين على الانتفاضة المجهضة إلى دعم علياء إبراهيم من خلال حملات تضامنية على فايسبوك واعتذارهم منها باسم «الثوار» بسبب الإهانات التي تعرّضت لها.
من جهتها، تأسف ديانا مقلّد لما حصل مع المراسلة اللبنانية. مديرة البرامج في قناة «المستقبل» تابعت الحادثة بحكم أنّ زوجها الصحافي حازم الأمين كان مع الفريق الذي ضم علياء وغطى الأحداث في ريف حلب. قالت مقلّد لـ «الأخبار» أنّ المستهدف اليوم هو الإعلام، داعيةً إلى تحييد الصحافة. ونوّهت بوعي الناشطين على الشبكة العنكبوتية الذين قاموا بحملة مضادة لحملة التحريض على مراسلة «العربية». وأكّدت أنّ علياء «داعمة للحراك الشعبي في سوريا، وأنّ انقسام القنوات يجب ألا يحمّل الصحافي تبعات هذا الفرز وصولاً إلى تحليل دمه».