منذ ستة أعوام، سُوّي مبنى «إذاعة النور» في حارة حريك (ضاحية بيروت الجنوبية) بالأرض بعد تعرضه للقصف الإسرائيلي خلال حرب تموز (يوليو) واستهداف محطات الإرسال الثماني الخاصة بالإذاعة. مع ذلك، لم يتوقف بث «النور» سوى ثوان، تابعت بعدها تقديم رسالتها بإرادة تتحدى العدوان. ولأن تلك العثرات لم تحبطها، فقد بيّن استطلاع للرأي أجراه «مركز بيروت للأبحاث والمعلومات» في آذار (مارس) من العام الماضي أنّ «النور» حققت المرتبة الأولى بين الإذاعات السياسية اللبنانية بنسبة استماع وصلت إلى 35.7% من مجمل المتابعين اللبنانيين.
في ذكرى الانتصار اليوم (14 آب/أغسطس)، يقول المدير العام للإذاعة يوسف الزين لـ «الأخبار» إنّ «النور» حرصت على تنويع برامجها «لتغطي المجالات السياسية والاجتماعية والبيئية والشبابية والتربوية والصحية، مع إيلاء أهمية خاصة لقضايا المقاومة في وجه العدو الإسرائيلي». ويشير إلى أنّ العدوان أخّر عملية إتمام المرحلة الاحترافية التي حدّدتها الإذاعة لنفسها، وخصوصاً بعد تدمير محطات الإرسال ومبنى الإذاعة عام 2006، لكنّ الزين يكشف أنّ مواصلة البث خلال الحرب جاءت نتيجة تضافر ثلاثة عوامل: استخدام محطات الإرسال القديمة التي أُوقفت عن العمل عام 2004 مع إنشاء محطات جديدة، ودعم بعض الإذاعات الصديقة التي قدمت محطات إرسالها، والأهم هو إنشاء محطتي إرسال خلال الحرب كبديل عن تلك التي دُمّرت وتعرّض العاملون فيها للخطر». ويوضح المدير العام «النور» التي أبصرت النور منذ 24 عاماً أنّ «الإذاعة اعتمدت خلال الحرب على تشكيل فرق عمل صغيرة وشبكة مراسلين ميدانيين يتواصلون مباشرة مع مراكز الإرسال لتسهيل عملية البث». ورغم كل التحديات التي واجهتها، تكيفت «النور» مع ظروفها «وحازت بعد ثلاثة أشهر من انتهاء العدوان ست ذهبيات في «مهرجان القاهرة للإعلام العربي»». وأخيراً، وضعت الإذاعة رؤية جديدة تمتد إلى عام 2014 تهدف إلى إنجاز مشاريع وفق مسارات تطويرية، وإلى تحويل «النور» إلى مؤسسة إعلامية وتعليمية معاً. وسيجري ذلك «بعد الانتقال إلى المبنى الجديد في منطقة صفير بداية العام المقبل، وهو يتميز بتجهيزات عصرية ممكننة تُستخدم للمرة الأولى في لبنان، وقاعات تدريبية تمثّل بيئة تعليمية رحبة، وخصوصاً أن الإذاعة سباقة في استقطاب الطلاب الجامعيين».
وفي ظل التطورات التقنية والتكنولوجية، يواجه الإعلام المسموع تحديات وجودية، لكنّ الإذاعة «تذلّل هذه التحديات عبر تفعيل البث المباشر على موقعها الالكتروني ليصبح أكثر تفاعلية، وتطوير خدماته وتقديم صورة للبرامج الحوارية مباشرة على الموقع في المستقبل».
ورغم أن «النور» تهدف إلى بلوغ أكبر شريحة من الجمهور اللبناني والعربي، إلا أنّ مديرها يؤكد أنها لا تضع نفسها في موقع المنافسة، «بل تحاول احتلال الريادة مع الحفاظ على هويتها الرصينة والجادة، ومراعاة الاعتبارات الشرعية التي قد تضيّق عليها أحياناً»، لكن هل يعني ذلك تقديم إنتاج جامد؟ يجيب الزين «بل إنّه يحفّز على تقديم نموذج مختلف»، مستشهداً بتخصيص برامج تسلية هادفة بعيدة عن الابتذال، ودراما فكاهية مستوحاة من صميم حياة المواطن اللبناني ويومياته.