يبحثون عن صفات الله. ينقطعون إلى التماهي مع «الحبيب»، والاتحاد به. إنّهم الصوفيون. انقسموا إلى مدارس تُنسب إلى أحد «العارفين». كان لكلّ «عارف» طريقة في التعبّد والتربية وتلاوة الأذكار، وهذا ما تمخّضت عنه لاحقاً طرق صوفية عديدة، منها الرفاعية، والنقشبندية، والقادرية، والشاذلية، والمولوية... كل مدرسة لها منهجها الخاص في التعاطي مع المريدين ورب المريدين. لبنان الذي لم يعرف المتصوفين والمريدين في ماضيه وحاضره، يستضيف الليلة الدرويش التركي ألبر أكاي في «مسرح بابل».
ينتمي أكاي إلى المولويين: مريدي مولانا جلال الدين الرومي، الأفغاني الأصل، الذي تنقل في رحلة طويلة عبر فيها مدناً كدمشق وبغداد، ليستقر أخيراً في قونية التركية. يكثر المولويون في تركيا وحلب. للرقص لدى المولويين أسبابه في التواصل مع الله، واستقاء الحب والطمأنينة منه. يعتمد رقصهم على بعض الحركات والوضعيات الرمزية، أهمها الحركات الدائرية المزدوجة في «ميدان» الرقص: الدوران الأول هو حول النفس، والثاني مع الآخرين في دائرة الميدان. يتخلل ذلك الموسيقى، والإنشاد. لا تقتصر طقوس المولويين على الرقص فقط. قبل مجيئهم إلى حلقة «السماع» (الذكر)، يتوضأون، ثم يرتدون لباسهم الخاص، ويقبّلون أجزاءً منه، قبل أن يقرأوا آيات من القرآن، وينطلقوا أخيراً إلى «الميدان». في حفلة الليلة، قد لا يجد ألبر أكاي من يساعده في ارتداء «لباس السماع» كما يفعل المولويون في طقوسهم، لكنه بالتأكيد سيلقى المساعدة من أصدقائه على الخشبة: المغنيان دالين جبور ونعيم الأسمر، وعازف الإيقاع علي حوت.