منذ يومين نتفرّج على فيلم هستيري طويل، شهدنا خلاله ولادة قوّتين عسكريّتين ضاربتين على الأقل، وكشف شبكات لـ «الجيش الحرّ»، وعبارات من نوع «بنك أهداف»، وطرد الاعلاميّين من نعيم «رابطة آل مقداد»، و«ألعاب» فيديو مشحونة بالموت. لم نكد نسمع بـ «الجناح العسكري لعشيرة آل مقداد» التي بدأت الخطف لاسترداد ابنها المحتجز في دمشق، حتّى أعلنت LBCI بخفّة، قضاء المخطوفين الأحد عشر في قصف أعزاز. «الجديد» وقفت عند الرقم أربعة، تاركة الشارع في حالة من الغليان، رغم التكذيبات. نوال برّي أخبرتنا أن «الثوّار» في أعزاز كانوا قد وعدوها بشريط فيديو عن ضيوفهم قبل القصف، ثم اعتذروا لانشغالهم بانتشال الجثث. لكن «الجديد» بثّت أخيراً الريبورتاج الاعلاني البائس، ويُظهر الرهائن اللبنانيين ليلة الثلاثاء يروّجون لخطاب «مضيفهم».
في المقابل، بدأ اختطاف السوريين في لبنان، والتحقيق معهم أمام الكاميرا. «الميادين» بثّت شريطاً مع المعتقلين لدى «آل مقداد» يُقال إنّهم من الجيش الحرّ، يستظهرون ما يريد خاطفهم. وأكّدت أن الرهائن اللبنانيين بخير، لكن الغضب الشعبي انفجر في الشارع، واتخذته LBCI و«الجديد» مادة لكل التجاوزات. كنّا نظنّ أن الاعترافات في الأسر موضع شك، وأن الاعلام يزن وينتقي ويتأكّد قبل أن يقدّم مادته، فإذا به يرتمي في دوّامة الأهواء والغرائز. حتّى الوزير وليد الداعوق انتبه إلى الموضوع، فدعا أمس إلى «ضوابط وطنيّة مسؤولة». وكذّب الأنباء المقلقة بشأن مواطنيه المخطوفين. لكن من نصدّق؟ مراسلتا «إل بي سي» و«الجديد» اللتان تسميان الخاطفين ثوّاراً، عادتا أمس إلى أعزاز. تلك البلدة الملعونة التي بدأت الزيارة الأولى إليها محاطة بالألغاز، قبل أن تتحوّل مسرحاً لتلفزيون الواقع، تبدو الآن أنقاضاً. وحين تقصّر الكاميرات اللبنانيّة، يأتي الدعم من اليوتيوب، وصوت نوال برّي معلّقاً على نجمها المفضّل الذي ظهر من جديد: «حتّى أبو ابراهيم غير قادر على حماية نفسه». لكنّه يرقّص الاعلام اللبناني على طرف خنصره.
قبل عودة ملك الشاشة، كانت LBCI قد استنطقت بالطريقة المهينة إيّاها، ضيوف «سريّة المختار الثقفي» في حي السلّم… ثمّ طلبت «المغفرة» في مقدّمة النشرة. ولحقتها غريمتها إلى غرفة الكنز، فإذا بـ «المحقّق» يشهر ميكروفوني «الجديد» و«إل بي سي» أمام الوجه المذهول. «شو بتوصّي لأبو علي الحرّ تبعك؟». الرهينة السوري: «إنو يهتمّ بالمخطوفين». «لأ ما بدنا يهتمّ». يصحّح المدعو محمد النجّار: «إنو يطلقوا سراح المخطوفين، حتى نرجع على بيوتنا، ويكون العيد عيدين».