لم يطل الوقت حتى دفع جورج غالاوي ضريبة التصريحات التي أطلقها منذ أيام مدافعاً عن مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج ضد اتهامات بالاغتصاب والاعتداء الجنسي التي وُجّهت إليه في السويد. هكذا، قررت مجلة «هوليرود» السياسية الاسكتلندية أمس إيقاف عمود السياسي والناشط البريطاني فوق صفحاتها، لأنّ «وجهات نظره بشأن الاغتصاب كانت غير لائقة ومثيرة للقلق»، وفق ما أشارت مديرة تحريرها ماندي رودس.
جاء ذلك بعدما أكّد غالاوي ضمن برنامجه «عمتم مساءً مع جورج غالاوي» الذي يبث في حلقات مصورة على الإنترنت أنّ الادعاءات الموجهة ضد القرصان الأسترالي كانت مجرد «آداب جنسية سيئة»، متسائلاً: «هل ممارسة الجنس مع امرأة نائمة يعدّ اغتصاباً؟ أم أنني بحاجة إلى إذن في كل مرة أقرر فيها أن أعيد الكرة؟». وتابع أن ما حدث بشأن التهم التي يواجهها أسانج في السويد بالاعتداء جنسياً على امرأتين «لم يكن اغتصاباً كما يفهمه معظم الناس».
وفي وقت لاحق، زار غالاوي زعيمة حزب «الاحترام» سلمى يعقوب ليوضح أنه شعر بحاجة إلى التحدّث في الموضوع إيماناً منه بأن القضية جزء من «فبركة» لتسليم أسانج إلى السلطات الأميركية «الغاضبة منه لتسريب وثائق سرية خاصة بها»، خصوصاً أنّ بريطانيا حيث يوجد أسانج في سفارة الإكوادور في لندن تعيش «عصر الإرهاب الفكري». وكانت سلمى يعقوب قد أدانت تصريحات غالاوي واصفة إياها بـ«الخاطئة والمخيّبة للآمال». وانضمت إليها ساندي بريندلي المنسقة الوطنية لمؤسسة «رايب كرايسيس» في اسكتلندا، المعنية «بمحاربة العنف الجنسي»، إذ رأت أنّ تصريحات غالاوي «غير مفيدة، وتؤكد فكرة ثابتة ولكن كاذبة حول الفرق بين الاغتصاب «الحقيقي» أو «الخطير»» حسب قولها.
مدير الدراسات الجندرية في جامعة «ساسكس» أليسون فيبس أعلن أن كلام غالاوي «رهيب» و«يبيّن كيف أن معظم ممثلي اليسار البريطاني يسمحون لعدائهم لأميركا بالتغلب على أي قضية سياسية أخرى».
أما نائبة مدير «مركز جامعة ليدز لدراسة التخصصات الجنسية» آيمي راسل، فقد رأت في حديث مع صحيفة «هافينغتون بوست» البريطانية أن ما قاله غالاوي «يجرح النساء». وتابعت: «رغم أنّ معدلات الاغتصاب الرسمية في المملكة المتحدة منخفضة، إلا أن الأكيد أنّ الكثير من الحالات تبقى سرية بسبب ممارسات الأشخاص الذين يكذّبون الضحايا مثل غالاوي».
لا شك في أنّ الرجل الحائز جائزة «مبادرة تكريم الإنجازات العربيّة» عام 2011 عن فئة المساهمة الدوليّة الاستثنائيّة في العالم العربي، يعارض الحرب «الكونية» التي تشن على «ويكيليكس» ومؤسسه... لكنّه سمح بسقطته تلك بأن يحشد الرأي العام ضدّه. وبينما أراد المدافع الشرس عن القضية الفلسطينية أن يضيء على الأسباب السياسية الكامنة وراء الاتهامات الموجّهة إلى أسانج، ها هو يسيء التصويب، فلا يخدم نفسه ولا قضية «القرصان» المشاغب.