كأنّ عاصفة من التطبيع هبّت علينا هذا الأسبوع، تحاول كلّها تبييض صورة المؤسسة الإسرائيلية أمام مرآة العالم. في ظلّ المقاطعة الثقافية للعديد من الفنانين العالميين لإسرائيل ورفضهم أن يكونوا جزءاً من هذه اللعبة، يأتي «غرين هاوس» الذي يفتتح اليوم في العقبة (الأردن) لينصب شراكاً للمبدعين العرب. المشروع الممتد بين عامي 2012 و2013 جمع مخرجين عرباً من الجزائر، ومصر، ولبنان، والأراضي المحتلة عام 67، وتونس، والمغرب وإسرائيل للحديث عن «السرد الدرامي والشخصيات الرئيسية» الذي ستبدأ حلقته الأولى اليوم وتستمرّ حتى الثالث من أيلول (سبتمبر).
منذ عُلم الخبر، بعثت «الحركة الشعبيّة الأردنية للمقاطعة» رسائل خاصة لكلّ المخرجين المشاركين بهدف حثهم على مقاطعة المشروع، قبل أن تبعث رسالة مفتوحة إلى الإعلام، ما أدى إلى انسحاب مخرج أردني هو رعد طوالبة وثلاثة لبنانيين هم: لوسيان بورجيلي، حبيب بطاح وسامر غريّب. لم يكن هؤلاء يعلمون أنّ مشروع «غرين هاوس» للأفلام الوثائقية الذي تأسس عام 2005 بتمويل من برنامج «أوروميد السمعي البصري» يعد مشروعاً تطبيعياً وفقاً لتعريف «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل»، علماً بأنّ «الصندوق الإسرائيلي الجديد للسينما» هو أيضاً شريك مؤسس لـ«غرين هاوس».
باستثناء المخرجين المذكورين آنفاً، لم يحصل القائمون على «الحركة الشعبية الأردنية للمقاطعة» حتى الساعة على ردود نهائية من باقي المخرجين العرب المشاركين في اللقاء وهم: محمود عمر (مصر)، ومجدي العجلات وحجر سته وسعيد البذور الدين (المغرب)، وتامر دياب فؤاد (فلسطين)، وسارة عبيدي وعامل بو زيد وزينب خلفازي والماجري جودة وخديجة لمكاشر ومصلاح كريّم (تونس)، ونسيم خدوشي وكلير مازو ــ كرّوم ومحمد الأمين حطو (الجزائر). بعد بعث الرسائل للمخرجين والمنتجين المشاركين في المشروع، تلقت «الحركة الشعبية» نوعين من الردّ، لكن بلا أجوبة حاسمة تنوي مقاطعة اللقاء. أما لوسيان بورجيلي الذي عاد أمس إلى بيروت، فقد قال لـ«الأخبار»: «انسحبت تواً. لو كنّا نعلم أنّ اسرائيل تقف خلف المشروع، لما كنّا فكرنا في المشاركة بأي شكل من الأشكال.».
سوف يبدأ اللقاء الأول لمشروع «غرين هاوس» اليوم في العقبة، بلا موقف واحد حتى الساعة من المخرجين والمنتجين العرب الآخرين الذين يشاركون فيه، فما هو السبب الذي يبرّر مشاركة هؤلاء في مشروع حيث أحد أعمدة تمويله هو إسرائيلي، متناسين هذا الفيلم الطويل من انتهاكات الاحتلال بحق «الشخصيات الرئيسية» الفلسطينية صاحبة الأرض؟