أقل ما يمكن قوله، إن المواقع الإخباريّة الالكترونيّة شهدت ازدهاراً منقطع النظير في لبنان خلال الأعوام القليلة الماضية. لكن الحدث الجديد في العالم الافتراضي البيروتي حاليّاً أن الزميل ساطع نور الدين، مدير تحرير «السفير» السابق، ونجم صفحتها الأخيرة حتّى الأمس القريب، انتقل بدوره إلى القماشة العنكبوتيّة. يدخل الاعلامي اللبناني المعروف في مغامرة القرن الحادي والعشرين إذاً، مطلقاً رهانه على الاعلام الجديد، متخليّاً عن الصحافة الورقيّة التي رافقت سنوات خدمته الطويلة. ما يعيدنا مجدداً إلى السؤال المستعاد حول مصير «الورقي»، وعلاقته بازدهار الصحافة الالكترونيّة: هل يتكاملان، أم يخوضان صراعاً مريراً، البقاء فيه للوسيط الأقل كلفة والأكثر انتشاراً؟ لا شك في أنّ المواقع الإلكترونية العربيّة فرضت منافسة قويّة على الاعلام التقليدي. ويمكن القول إن هذه الثورة الرقمية أحدثت بلبلة «وجودية» في عالم الإعلام. وعلى هذه الخلفيّة، يطلّ اليوم موقع اخباري جديد، يقوده صحافي مخضرم، ليضاف إلى رفّ المواقع الحزبيّة والمستقلّة التي يزدحم بها المشهد الالكتروني اللبناني، وتستقطب قرّاء الأزمنة الجديدة: من «النشرة» و«ليبانون فايلز». إلى «ناو ليبانون» و«تيار دوت أورغ»، في انتظار الموقع الجديد الذي يعمل على اطلاقه رجل الاعلانات إيلي خوري…
وقد علمت «الأخبار» أنّ صاحب زاوية «محطة أخيرة» في «السفير»، ينوي إطلاق صحيفته الإلكترونية بعدما خاله القراء في إجازة وسيعاود الكتابة في زاويته المعهودة، كما أشاعت الصحيفة نفسها التي أعادت نشر مقالات سابقة لنور الدين وأخبرت القراء في نهايتها عن عودة قريبة للكاتب. لكنّ الخبر لا يتوقّف هنا طبعاً، فكثير من الاثارة والتشويق ينتظر المبادرة الجديدة التي بدأت تتسرّب أسماء فريقها التأسيسي، وجلّهم اعلاميون حقّقوا حضورهم في الصحافة المكتوبة. قوام الصحيفة الإلكترونية الجديدة فريق آت من «السفير»، في عداده حسن الحاف (اقتصاد)، ومازن السيّد (خارجيّات)، وجهاد بزّي (محليّات)… وتضاف إلى هذه التشكيلة زميلتنا في «الأخبار» رشا أبو زكي (اقتصاد)… وطبعاً سنكتشف قريباً أسماء ومفاجآت إضافيّة. لم تتمكّن «الأخبار» من التثبّت من كل الأسماء، ولا من استيضاح اسم الموقع، وصورة المشروع وآليات تمويله، لاستحالة التواصل مع ساطع نور الدين حتى لحظة كتابة هذه السطور. أما جهاد بزّي فآثر التكتّم على الموضوع، والتريث إلى أن تضاء شاشة المشروع الجديد.
الأكيد أنّ صحيفة جديدة خارجة من رحم تجارب عريقة ستنضم الى الإعلام الإلكتروني اللبناني، لترفد هذا القطاع «المتفلت» من التشريعات القانونية والمهنية... والرقابة. ومنذ فترة، اشتعل الجدل بين الحكومة وقانونيين وناشطين في الميدان الإلكتروني حول آفاق تنظيم هذا المجال عبر قانون يرعاه. وبطبيعة الحال، لا يزال النقاش جارياً حول الصيغ المقدمة، تاركة شبح رقابة جديدة يحوم في الفضاء الافتراضي.