مع انطلاق دورة البرامج الجديدة على الشاشات العربية والمحلية، يبدو أنّ قطاع تنفيذ إنتاج برامج المنوعات في لبنان قد بدأ يخسر ريادته في جذب النسبة الأعلى من هذه البرامج الى استوديوهاته. أما السبب المباشر لهذه المشكلة فهو التحذير الذي وجّهته بعض الدول الخليجية لرعاياها بعدم زيارة لبنان بسبب الأوضاع الأمنية المضطربة التي يشهدها حالياً، فيما دعت الموجودين الى المغادرة على وجه السرعة.
لكن هل يلتزم أهل الفن في الخليج العربي بهذه القرارات؟ وهل يتردد الفنان الخليجي في زيارة لبنان لتصوير حلقة تلفزيونية مقابل أجر؟ وهل يتنازل بعض مقدمي البرامج الخليجيين عن وظائفهم في حال أصرّت القناة التي يعملون فيها على تصوير برامجها في لبنان؟
هذه التساؤلات وغيرها يجيب عنها المخرج اللبناني باسم كريستو الذي يصف امتناع بعض الفنانين العرب عن المجيء الى لبنان خوفاً من الوضع الأمني او نتيجة التزامهم بإرشادات حكوماتهم بـ«التأثير المرحلي أو المؤقت للاختلال الأمني الذي شهده لبنان في المرحلة الاخيرة». ويرى أنّ هذا الأمر قد يجبر بعض منتجي البرامج قيد التحضير على اختيار مواقع خارج لبنان لاستكمال تصوير أعمالهم. مع ذلك، يؤكد كريستو أنّ «لبنان يظلّ البيئة المناسبة لتصوير برامج المنوعات، وهذا ما أثبتناه بعد تجربة وباع طويل في العمل على النهوض بهذا القطاع الإنتاجي التلفزيوني الضخم». ويتابع مخرج «تاراتاتا»: «الوضع الأمني وعوامل عديدة أخرى قد تدفع الشركات المنتجة والمحطات التلفزيونية الى تغيير مؤقت لمكان تصوير البرامج بعيداً عن لبنان».
صاحب شركة Periba لا يحمّل الوضع الأمني الهشّ في لبنان مسؤولية انتقال تصوير الموسم الجديد من فريق برنامج «سوالفنا حلوة» الذي يعرض على شاشة «دبي» الى موطنه. يؤكد أنّ المحطة الإماراتية ترغب في تصوير هذا البرنامج في استوديوهاتها الخاصة في دبي حيث ستنفذه بتقنية HD، على أن يحصل هذا بشكل تجريبي مرحلي. ويؤكد أنّ هذا القرار جاء قبل أن تدعو الإمارات رعاياها إلى عدم زيارة لبنان. إلا أنّ الأكيد في كل ذلك أنّ الفنانين الإماراتيين يرفضون رفضاً باتاً القدوم إلى لبنان في هذا المناخ.
لا يتردد مخرج «حديث البلد» في القول إنّ قطاع تنفيذ إنتاج برامج المنوعات في لبنان يتفوّق على باقي الدول العربية الناشطة في هذا الميدان بنسبة 70 في المئة. ويشير الى أنّ مدخول لبنان الكبير في مجال إنتاج برامج المنوعات سواء لصالح المحطات المحلية أو الفضائيات العربية وخصوصاً الخليجية، يعود إلى أنّ الامكانات البشرية اللبنانية في مجال البرامج التلفزيونية غير متوافرة في الدول العربية، ما دفع القائمين على إنتاج برامج المنوعات والإعلانات في العالم العربي إلى اعتماد استوديوهاته موقعاً لتنفيذ أعمالهم التلفزيونية الضخمة. لكنّ هذا لا يمنع أنّ بعض هذه الدول ترغب في استعادة بعض برامجها بهدف تطوير كوادرها التقنية والبشرية المحلية واللحاق بما ينجزه اللبنانيون عبر استقدام خبراتهم للإفادة منها في مجال تدريب فرقهم المحلية على غرار ما يحدث في عالم كرة القدم. ويرفض باسم كريستو قراءة سحب بعض المحطات التلفزيونية العربية لبرامجها من استوديوهات لبنان على أنّه خطوة تندرج ضمن نظرية المؤامرة. يفضل طرح سيناريو مختلف بأنّ ما يحدث يدخل في السياق العام وانخفاض كافة الاستثمارات في لبنان بسبب الحوادث الأمنية الخطيرة التي يشهدها الشارع اللبناني منذ أشهر، مع التشديد على أنّ «غياب الاستقرار لم يسعف قطاع إنتاج البرامج التلفزيونية في تبوؤ ما هو أبعد من المركزية العربية في تنفيذ الإنتاج، مع أنّ استوديوهات لبنان وخبراته البشرية في هذا المجال قادرة على تقديم أفضل النتائج بنصف الكلفة عن استوديوهات باريس على سبيل المثال».
ويكشف كريستو لـ«الأخبار» أنّ معظم المحطات العربية باتت تعدّ خططاً بديلة تحسباً لتدهور الوضع الأمني في لبنان. هكذا، تحدّد أمكنة أخرى لتصوير برامجها بدلاً من بيروت خلال مرحلة التحضير للبرنامج «كما حدث يوم أجبرنا على المغادرة قسراً الى دبي لاستكمال تصوير بضع حلقات من برنامج «العراب» لصالح قناة mbc (إبان أحداث 7 أيار)». ويختم كريستو بأنّ تركيا والأردن ودبي صارت على لائحة الخيارات البديلة لبرامج المحطات التلفزيونية».



«نوّرت» ولكن

يقول مصدر مطلع لـ«الأخبار» إنّ مجموعة mbc لم تغيّر بعد خريطة تصوير برامجها للموسم الجديد، بل تواصل إنتاج برامجها في استوديوهاتها الخاصة في منطقة ذوق مصبح (شمالي بيروت). ويشير الى أنّ عملية الإنتاج التلفزيوني تخضع للعرض والطلب، وبعض الفنانين لا يترددون في المغامرة والحضور الى لبنان لتصوير حلقة تلفزيونية لقاء أجر مادي عال، إضافة إلى أهمية الظهور على المحطة العربية الأولى في الخليج. إلا أنّه يكشف عن غياب الأسماء الخليجية عن لوائح ضيوف برنامج «نوّرت» لوفاء الكيلاني في أولى حلقات البرنامج الحواري الفني في موسمه الثاني.