من الجنوب اللبناني وتحديداً من صور، حمل المخرج والممثل قاسم اسطنبولي (1986 ــ الصورة) قضية فلسطين من باب المسرح. الشاب اللبناني الفلسطيني الذي شاطر أمه الفلسطينية هذا الحلم جال فيه العالم، وآخر محطاته كانت في إسبانيا أخيراً، حيث قدّم «الجدار» على مسرح «بلازا دي لا ميرسيد» الأثري. في الفضاء الرحب، قدم عمله المونودرامي الذي يحكي عن الحواجز الفاصلة بين الشعوب، إن كانت وهمية أو واقعية، وعن المحاولات الدائمة لكسر هذا الجدار.
العمل قدم باللغة الإسبانية التي لا يجيدها اسطنبولي، بل عمل على حفظ دوره سعياً إلى إيصال رسالته، التي تتمثّل في رفض الجدار العنصري وإبراز المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني. يقول اسطنبولي إنّ العمل ليس الأول الذي يقدمه في العاصمة الإسبانية، بل سبقه العام الماضي آخر عن القضية عينها، حيث دمج المسرح مع الرقص والموسيقى. يضيف في حديثه مع «الأخبار» إنّ العرض الذي قدمه هذه السنة لاقى تجاوباً كبيراً من قبل الجمهور المشارك، الذي تعاطف مع القضية الفلسطينية لأنّها «قضية الإنسان في الدرجة الأولى، وترتبط بمظلومية هذا الشعب الباحث عن الحرية، والرافض للكراهية والعنصرية».
يرتكز دوماً اسطنبولي في أعماله على قضايا الإنسان الذي يتعرض للظلم وللاضطهاد، والبوصلة دائماً متجهة الى فلسطين «حيث العدو الصهيوني يسرق الأرض والهوية والثقافة». لذا، خصص في عام 2006 عملاً يروي العدوان الإسرائيلي على لبنان، وجال على الجامعات والمناطق وصولاً الى الحدود مع فلسطين. كذلك لم ينس جرح غزة عام 2008، فقد قدم أمام السفارات والقنصليات، ومنها الأميركية، وفي المخيمات الفلسطينية مسرحية «قوم يابا» المقتبسة عن رواية «ذاكرة» للكاتب سلمان ناطور، وهو عمل مونودرامي يتناول معاناة الشعب الفلسطيني قبل النكبة وصولاً الى يومنا هذا. أما المرأة، فهي الحاضر الأكبر في أعماله. تراه يتحدث عنها في «هوامش» الذي يحكي التعذيب والعنف والتهميش الحاصل ضد المرأة من (إنتاج «مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب») كذلك، قدم «نساء بلا هوية»، الذي يتناول معاناة المرأتين الفلسطينية والعراقية. ولم يغب عن باله أيضاً الحراك الحاصل في العالم العربي. جسّد دور معمر القذافي في مسرحية «زنقا زنقا» التي جالت المدن العربية. كذلك عرض «فخامة الرئيس» الذي ناقش صناعة الأنظمة الديكتاتورية وموضوع الولاء الأعمى للحاكم وجدلية علاقته بالمحكوم.