«إنه لقيط سارق وبلطجي ومهووس بالجنس، يهوى استغلال الأطفال جنسياً ولا يمانع معاشرة الرجال، إضافة إلى أنه وصولي يحرص على أن يتمحور الدين الإسلامي وحياة المسلمين حوله» ثلاث عشرة دقيقة على يوتيوب مقتطفة من فيلم «براءة المسلمين» يغرق فيها المرء في بحر من الصور النمطية والمعتقدات الخاطئة عن الإسلام ورسوله، مللنا سماعها منذ أحداث أيلول (سبتمبر) 2001. هذه المرة جاءت الخطوة مختلفة بعض الشيء.
حالة من الهذيان تعمّد فيها المخرج الأميركي الإسرائيلي سام بازيل (52 عاماً) إهانة المسلمين وإظهار اليهود في صورة «المظلومين والمضطهدين». لكن يبدو أنّ العمل الذي أنتجه ابن جنوب كاليفورنيا، ما هو إلا انعكاس لمعتقداته وآرائه الشخصية.
صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية التي كشفت عن هوية مخرج الفيلم، ذكرت أمس أنّ سام بازيل أكّد لها أنّ «الإسلام سرطان، ودين كراهية»، كما أنه موّل الفيلم من خلال جمع خمسة ملايين دولار أميركي من مئة مانح يهودي من دون تحديد هوياتهم. وأوضح الرجل الذي يعمل في مجال العقارات أنّ العمل الذي صوّر في كاليفورنيا على مدى ثلاثة أشهر، كان نتيجة جهد مشترك مع 60 ممثلاً وفريقاً من 45 شخصاً: «الفيلم سياسي وليس دينياً». نقطة مهمة أخرى سلّطت الصحيفة الضوء عليها تتمثل في أنّ العمل يحظى بدعم القس الأميركي تيري جونز الذي دعا في نيسان (أبريل) 2010 إلى «يوم عالمي لحرق القرآن». كلنا نذكر القس الأصولي حين حلّ ضيفاً على طوني خليفة في برنامج «للنشر» على قناة «الجديد» من خلال مداخلة بالصوت والصورة. شدد يومها على أن الإسلام «ليس دين سلام بل مسؤول عن أحداث 11 أيلول»، وأضاف: «هي رسالة تحذير إلى كل المسلمين المتعصبين، ونشعر أن الله دعانا إلى ذلك». وفي تعليقه على «براءة المسلمين»، رأى جونز أنّه «لا يهدف إلى مهاجمة المسلمين، بل إلى إظهار العقيدة المدمّرة للإسلام». وبينما اشتعل الشارع الإسلامي وتحديداً في مصر وليبيا (راجع ص 18)، غصّت مواقع التواصل الاجتماعي بحملات الاستنكار والشجب التي حمّل بعضها أميركا وسياستها المعادية للعرب مسؤولية تفجير القنصلية الأميركية في بنغازي وحمّل «القس المتطرف تيري جونز» مسؤولية مقتل سفيرها كريس ستينفز وثلاثة موظفين في القنصلية. فيما ذهب بعضهم إلى معايرة أميركا وسياستها في دعم الإسلاميين والسلفيين في العالم العربي، خصوصاً مصر. لكن ماذا عن تعاطي وسائل الإعلام الأميركية مع شريط سام بازيل؟ على الرغم من تناول «وول ستريت جورنال» لـ«الإنتاج الفني العظيم»، وتحدّث «واشنطن بوست» عن تواري بازيل عن الأنظار في أعقاب التظاهرات التي خرجت في بعض الدول العربية، وتأكيده أنّ بلاده «أضاعت الكثير من الأموال والطاقات البشرية في حروب العراق وأفغانستان، لكننا نحارب الأفكار»، إلا أن الصحافة الأميركية إجمالاً غيّبت الجوانب السيئة للعمل ومآربه الاستفزازية. هكذا، ركزّت كل من «نيويورك تايمز» و«هافينغتون بوست» وشبكة «آي. بي. سي نيوز» على «الهجمات» التي تعرضت لها المباني والمؤسسات الرسمية الأميركية في ليبيا ومصر على خلفية «فيلم مهين للإسلام»، فضلاً عن نقل «إدانة» وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لهذه الاعتداءات... من دون أن تسائل مرة واحدة سياسات أميركا في المنطقة.