صدّق زياد نجيم أن سقف الحريّة العالي الذي يميّزه، سيكفل استمرار برامجه. لكنّ المفاجأة أنّ mtv ركنته على الرفّ بحجّة أن برنامجه «مسا الحريّة» لا يحقّق نسبة المشاهدة المطلوبة، فما كان عليه سوى التفتيش عن شاشة أخرى تتّسع لحريته في معالجة المواضيع. يضحك الإعلامي اللبناني عند ذكر كلمة «إحصاءات».
يعتبر أنّ ما يسمى إحصاءات هو كذبة، اخترعها أصحاب المحطات ليحكموا السيطرة على شاشتهم. لم تطل غيبة نجيم، فعاد ليظهر على Otv، ويفتح صفحات الماضي مع الإعلامي المخضرم عادل مالك في برنامج «تاريخ في رجل» («الأخبار» 8/9/2011)، ويكمل أسلوبه الذي اشتهر بالجرأة في طرح القضايا وتخطي الخطوط الحمراء. ورغم محاولة بعض الاعلاميين تقليده، إلا أنّهم فشلوا. ويوم انضم نجيم إلى أحضان otv عام 2011، هلّلت له المحطة. خلال المؤتمر الصحافي الذي أقيم للمناسبة، أوحى أصحاب القناة البرتقاليّة أنهم يعقدون زواجاً مارونيّاً مع نجيم ووعدوا بحلقات مفتوحة، توثّق تاريخ لبنان منذ الانتداب حتى يومنا، نافين أن تقف حسابات السياسة حاجزاً دون استمرار الحلقات. غير أن الحياة لم تكتب للبرنامج بسبب الحالة الصحيّة لمالك وليس لسبب آخر. لكن بعد استعادة مالك عافيته، لم تأبه المحطة لإكمال البرنامج. مع ذلك، لم تتنكر «أو. تي. في» لوعودها، ولم تتخل عن نجيم كإعلامي حرّ له «ستايله» الخاص. ها هي تحتفي بإطلاق برنامجه الجديد «محامي الشيطان» الذي يعوّل عليه ويعتبره استكمالاً لطريق سلكه منذ فترة طويلة.
في سهرة الجمعة 28 أيلول (سبتمبر) الحالي وتحديداً بعد نشرة الأخبار المسائية، يستكمل نجيم كشف أوراق الحرب اللبنانيّة وخفاياها، لكن هذه المرّة في حلقات حوارية يتألّف ضيوفها من شهود على المرحلة، ومحاربين قدامى وسياسيين لبنانيين وسوريين وفلسطينيين، ولكن لن يتقاسم التقديم مع مالك هذه المرة، بل مع جوزف قرداحي المشرف على الحلقات ومعد الريبورتاجات. يتوقع الاعلامي أن يستمر البرنامج خمسة أشهر فقط، لعله يقول ذلك تحسّباً لمفاجآت تؤدي إلى إيقافه، أو ربما يعلم بأنّ برنامجه يحمل الكثير من المخاطر التي تعوق استمراريته، لكن غداً لناظره قريب!
يدرك نجيم أهمية تجربته مع عادل مالك التي يصفها بالـ«صادقة، لكنها لا تنسجم مع معايير التلفزيون الحالي، حتى لو طُعِّمت بريبورتاجات، خصوصاً أنّ برامج اليوم تهدف إلى التسلية أكثر من أي شيء آخر». يستغل نجيم الفرصة ليثني على خطواته في الاعلام، ويعتبر أنّ أي إعلامي لبناني أو عربي لم يجرؤ على اتخاذها، لأنّ «لكل منهم حساباته ومعظمهم يتقاضون الأموال من السياسيين، فيلزمون الصمت». يقول هذا الكلام بينما يواصل كيل الشتائم للسياسيين الواحد تلو الآخر. يبدو مطمئناً إلى أنّ ما سيقوله لن يتعرض لأي نوع من الرقابة، علماً أنه يطلّ على قناة العماد ميشال عون الذي كان أحد «أبطال» تاريخ لبنان المعاصر. يتذكّر نجيم يوم قامت الدنيا ولم تقعد، عندما كشف في «تاريخ في رجل»، عن زيارة المطران إغناطيوس مبارك إلى كنيس في وادي أبو جميل قبل نكبة فلسطين، وأعطى خلالها الحق إلى اليهود في إقامة دولة إسرائيل، وقدم نجيم معلومات موثقة تاريخيّاً أحدها للمؤرخ حسّان حلاق. يقول «تلقيت اتصالات أبدت استياءها، وانتقدتني من منطلق طائفي، هيك بتبلش بالمسيحيين؟».
وفي «محامي الشيطان»، اختار زياد نجيم مرة جديدة أن يفتح ملفات الحرب الشائكة وزواريبها الضيقة، ويتكلم في السياسة، بدلاً من التطرّق إلى مشاكل الناس وهمومهم. عن أسباب عدم تقديمه برنامجاً اجتماعياً يطرح قضايا المجتمع، خصوصاً أنّ ما شهره كان برنامج «الشاطر يحكي» الذي كسر التابوهات الاجتماعية في التسعينيات، يجيب: «أفكر في حلقات اجتماعية ذات طابع لبناني وعربي، فقد كنت صاحب أجرأ تجربة اجتماعية بلغة سياسية، وأوقفت بضغوط لبنانية سورية وبإيعاز سوري إلى جميل السيّد» في إشارة إلى «الشاطر يحكي». وعن رأيه في الاوضاع في سوريا، يعرب نجيم عن اعتقاده بأنّ «هناك استحالة أن يحصل تغيير ديموقراطيّ، لكن الأعمال العنفيّة غير المبررة هي المؤسفة»، مضيفاً «أؤيد الانتفاضة للوصول إلى الديموقراطيّة». وفي حال سقوط النظام السوري، لا يخاف نجيم من وصول التيارات الإسلامية المتطرفة إلى السلطة، لكنّه يخشى الأسوأ «أنّ النظام السوري المقبل يجب أن يستحوذ الرضى الإسرائيلي». ويدلل على ذلك بما قاله رامي مخلوف بأنّ «أمن إسرائيل من أمن سوريا».

«محامي الشيطان»: 20:30 كل جمعة على otv بدءاً من 28 أيلول (سبتمبر)



قبل... الانفجار

صوّر زياد نجيم ست حلقات من «محامي الشيطان» تطرق فيها إلى مرحلة ما قبل اندلاع الحرب الأهليّة، والعوامل التي أسهمت في اشعال فتيلها من هزيمة يونيو 1967، والغارة الاسرائيلية على مطار بيروت عام 1968، ثم استقالة حكومة عبد الله اليافي، وصولاً إلى اتفاق القاهرة، وعهد الرئيس شارل الحلو وانتخاب الرئيس سليمان فرنجية، وإبعاد ضباط المكتب الثاني ومحاولة تفكيك الجيش اللبناني وتعاظم الوجود الفلسطيني المسلّح، ثم حوادث «أيلول الأسود» عام 1970 في الأردن. وبعدها، يكمل نجيم مع حرب السنتين، وحروب العلم والجبل وصبرا وشاتيلا والناعمة، والاجتياج الاسرائيلي عام 1982.