«حرش بيروت» هو المساحة الخضراء العامة الأكبر في العاصمة. هذا المتنفّس الطبيعي، الذي يشكِّل واحة هروب للفقراء من زحمة المدينة وثقل باطونها على قلوبهم، مقفلٌ في وجه العامة منذ سنوات. كلّما لاح أملٌ في إعادة افتتاحه، قارعه فشلٌ بسبب المنافسة على إدارته للإمساك بزمام التلزيم وهدر المال العام. الصيف الماضي، بدأت محاولات بث الحياة في «الحرش»، عندما نظّمت «السبيل»، بالتعاون مع بلدية بيروت ومنطقة «إيل دو فرانس»، مهرجاناً امتدّ ثلاثة أشهر.
وغداً تنطلق الدورة الثانية من «مهرجان حرش بيروت». في الجانب الموسيقي، يُفتتحُ المهرجان عند الخامسة من عصر غدٍ بمنوعات فرنسية مع الثنائي اللبناني ريما (غناء) وجويل (سنتيسايزر). تلي هذه المساهمة الغنائية الفرنكوفونية حفلتان (ابتداءً من الثامنة ليلاً) تمثلان المقلب الفني الآخر، أي الموسيقى الشرقية التقليدية. الأولى تحييها فرقة «طلاب المعهد العالي للموسيقى» و«المدرسة الموسيقية الأنطونية» (كورس وفرقة موسيقية)، وعلى البرنامج مجموعة وصلات تراثية شرقية. والثانية مع فرقة «أصيل» (مصطفى سعيد (الصورة)، غسان سحّاب، أسامة عبد الفتّاح، بلال بيطار، علي الحوت، جورج الشيخ، رضا بيطار وعبد قبيسي) التي تقدِّم الموسيقى العربية الفصحى المعاصرة. وبعد غدٍ الجمعة، تشكّل العروض الراقصة نواة البرنامج الذي يُختتمُ بعزف للباكستاني كاردوخ على الطنبور. ويوم السبت المقبل، موعدٌ مع الأغاني ذات الطابع البيئي، يؤديها بول أبي راشد (الساعة 5:00)، يليه في 27 الجاري أمسية جاز (8:00 مساءً) مع عازف البيانو أرتور ساتيان، يرافقه مكرم أبو الحسن (كونترباص) وفؤاد عفرا (درامز). في 28/9 لا موسيقى، باستثناء المرافقة التي يتولاها طارق بشاشة (كلارينت) وكاردوخ (طنبور) لمجموعة من الشعراء. ويوم السبت 29 (8:00 مساءً) أمسية طربية شعبية مع نسرين حميدان والثنائي وسام جابر (طنبور) ووسام بيطار (إيقاعات). أما «المخادعون» فقد حجزوا مكاناً لهم في «الحرش» مساء الأحد في 30 الجاري (8:00 مساءً). هكذا، سيقدّم علي الخطيب (غناء، عود وإيقاعات) كلاسيكيات شعبية وفولكلورية، لبنانية ومصرية، يرافقه أسامة الخطيب (باص)، أحمد الخطيب (إيقاعات) ووليد ناصر (طبلة). ختام المهرجان، كافتتاحه، سيكون مع الموسيقى، إذ يقدِّم عازف العود شربل روحانا مع فرقته حفلةً يؤدي فيها أعماله الموسيقية والغنائية، بالإضافة إلى بعض الأعمال التراثية والفولكلورية (2/10 ــ 7:30 مساءً).
يمكن الاستنتاج أن الموسيقى الشرقية بمختلف ألوانها التقليدية والتراثية والمعاصرة، هي الأبرز حضوراً في «حرش بيروت»، بينما تغيب الموسيقى الشبابية الغربية (روك، راب، إلكترو...) والكلاسيكية الغربية. في الواقع، لا يمكن الكلام هنا عن ثغرة تنظيمية، بل عن إدراك لخصوصية المكان وجمهوره الذي قد لا تهمه كثيراً الأنماط المغيَّبة.