باريس | دفعت الثورة التونسية «جمعية السينما العربية الأوروبية» التي تأسست عام 2009 إلى إطلاق «مهرجان ربيع السينما العربية» الذي أعطى دفعاً لوجود الإنتاج السينمائي العربي في مدينة الأخوين لوميير بعد توقف «بينالي الفيلم العربي» الذي كان ينظمه «معهد العالم العربي» في باريس مرة كل سنتين.
الدورة الماضية قدمت للمشاهد الأوروبي صورة عن التحولات المفاجئة التي هزت الشارع العربي، فرأينا أفلاماً جريئة غاصت في الممنوعات والمحرّمات قبل سقوط الديكتاتوريات. هذا العام، اختار المنظمون 30 فيلماً بين روائي ووثائقي، وطويل وقصير وأفلام التحريك من تونس، ومصر، وسوريا، ولبنان، والخليج، والمغرب الغربي... كلّها تعكس آمال الإنسان العربي وتناقضاته وتساؤلاته. يواصل المخرجون توثيق الراهن واستكمال جمع شهادات حول مخاض الربيع العربي في الدورة الثانية التي تقام من 28 حتى 30 أيلول (سبتمبر) في سينما «لا كلي» في باريس.
من مصر، يُعرض الشريط الوثائقي «في ظلّ رجل» (65 د ـ 2011 ـ 30/9) للمخرجة حنان عبد الله التي ترصد حياة أربع نساء بعد صعود الإخوان المسلمين إلى الحكم، بينما يذهب الوثائقي التونسي «بابل» (121د ــ 2012 ــ 30/9) للمخرجين علاء الدين سليم وإسماعيل ويوسف الشابي إلى انعكاسات الثورة التونسية على التحول الديموغرافي في بعض المدن، ولا سيما الحدودية. ويقدم خالد عبد الواحد فيلمه «توج» (ساعتان و15 دقيقة ــ 2012 ــ 30/9) عاكساً الصور العنيفة التي تشهدها سوريا. وبينما ترتبط الأعمال السابقة بتداعيات الثورات والانتفاضات، كان يُفترض أن يشهد المهرجان العرض الأول لشريط خديجة السلامي «الصرخة» (90 د ـ 2012) قبل أن يُلغى. الشريط يرصد دور المرأة اليمنية في الثورة وسط مجتمع محافظ من خلال مقابلات مع شخصيات احتلّت واجهة النضال أُولاها صاحبة «نوبل» توكل كرمان. سينما «المهجر» تحضر من خلال تجربة رشيد جعيداني في Rengaine ( 75 د ـ 2012 ـ 30/9) متحدثاً عن العنصرية بين المغاربة والأفارقة. ويعود الجزائري مرزاق علواش بفيلمه «التائب» (87 د ـ 2012 ـ 30/9) للحديث عن العشرية السوداء. أما من المغرب، فتقدم هدى لخضر فيلمها القصير عن هموم المرأة في «زهرة» (13د ـ 2012 ـ 28/9)، ويعود باسكال أبو جمرة إلى عائلات العملاء اللبنانيين الهاربين إلى إسرائيل في فيلمه الإشكالي «خلفي شجر الزيتون» (20 د ـ 2012 ـ 28/9). وحول تيمة الوحدة، يُعرض 15 فيلماً قصيراً لمخرجين من الخليج العربي أُنتجت تحت إشراف ورشات Cherries of Kiarostami. على مدى عشرة أيام أثناء الدورة الرابعة من «مهرجان الخليج السينمائي» في دبي، أدار المعلّم الإيراني ورشة للسينمائيين الناشئين تدور حول التيمة المذكورة، وسنرى نتائجها في «ربيع السينما العربية».
أما «أتيلييه فاران»، فيقدم خلاصة الأعمال الإبداعية التي أنتجها هواة العمل السينمائي والوثائقي في القاهرة على مدى عام
كامل.
الخطوات الثابتة التي بدأها «ربيع السينما العربية» جعلته يصبح أحد أبرز مواعيد الفن السابع في أهم المدن الأوروبية، وخصوصاً أنّه يهتم بالإنتاج السينمائي العربي الراهن في ظرف تاريخي بامتياز. يعتبر ذلك تحدياً ثقافياً من أجل إيصال صوت الإنسان العربي وصورته وحقيقة ما تعيشه هذه المنطقة التي ظلّت لسنوات تحت رحمة الإعلام الغربي
وكليشيهاته.

«مهرجان ربيع السينما العربية»: من 28 حتى 30 أيلول (سبتمبر) ـــ سينما «لا كلي» (باريس) ـ www.cinemalaclef.fr



تحية إلى سيمون فتّال

يحتفي «مهرجان ربيع السينما العربية» بالفن السابع اللبناني من خلال عرض وثائقي (46 د ـ 2012 ـ 28/9) كناية عن أوتوبورتريه لسيمون فتال. الرسامة اللبنانية دعت فنانَي فيديو إلى الأتيلييه الخاص بها في بيروت كي يساعداها في إنجاز أوتوبورتريه. لم يُعرض الشريط قَطّ، ونامت مواده في الأدراج إلى أن قرّرت فتّال أن تخرجه أخيراً إلى الضوء ضمن مونتاج جديد حمل توقيع أوجينيه بولتر. العمل ليس فقط بورتريه، بل مرآة تعكس أيضاً المرحلة التي سبقت الحرب الأهلية، وعلاقة فتال بالتطورات العربية الراهنة، وسيعرض بحضور النحاتة اللبنانية.