الجزائر | أثار قرار الرقابة الجزائرية منع أكثر من 300 كتاب في الدورة 17 من «معرض الجزائر الدولي للكتاب» (21/9 إلى 1/10) جدلاً كبيراً في الأوساط الثقافية في بلد المليون شهيد، خصوصاً أنّ الدورة تقام تحت شعار الاحتفاء بالذكرى الخمسين لاستقلال البلاد. لذا، شكلت عودة الرقابة التي أُلغيت رسمياً في الجزائر منذ العام 1982، نكسة للكتاب والناشرين والموزعين. وبّررت وزيرة الثقافة خليدة تومي قرار الحظر بقولها إنّ «الكتب التي تم التحفظ عليها تروّج للإرهاب أو للعنصرية أو للاستعمار». لكن وسائل الإعلام المحلية وشبكات التواصل الاجتماعي ضجت بالتعليقات المستهجنة للقرار. وأكّد العديد من الكتاب والمحللين أنّ الكثير من الكتب التي شملها الحظر لا صلة لها بالإرهاب والعنصرية والاستعمار. ومن الأمثلة التي ذكرت عن ذلك كتب أدبية وسياسية باللغة الأمازيغية، وعدد من المؤلفات المنتقدة للنظام الحاكم، ومنها كتاب «مافيا الجنرالات» للإعلامي هشام عبود. لكن تعذر التثبت من هذا الأمر لأنّ وزارة الثقافة رفضت الكشف رسمياً عن قائمة الكتب المحظورة. واكتفى مدير دائرة الكتاب لدى وزارة الثقافة الجزائرية قانة ياسر عرفات في حديث مع «الأخبار» بالقول إنّ «عدد الكتب التي تم التحفظ عليها بلغ 312»، لكنّه رفض الكشف عن عناوين هذه الأعمال. واستغرب الجدل الذي أثير بخصوص حظر هذه الكتب، مذكراً بأنّ الدورة الماضية شهدت منع أكثر من ثلاثة آلاف كتاب. وأضاف: «ذلك الرقم المرتفع من الكتب الممنوعة كان سببه سوء فهم العناوين، إذ كانت الكتب تُوضع على قائمة الممنوعات بالاستناد إلى عناوينها فقط»! لتفادي ذلك، أشار إلى أنّه «تم إنشاء لجنة متخصصة بدأت عملها هذه السنة لتجنب أي شطط من شأنه حرمان القراء الجزائري من عناوين مهمة».
محافظ معرض الجزائر حميدو مسعودي، برّر تشكيل لجنة الرقابة على الكتب بأنّ «الجزائر دفعت ثمناً باهظاً جراء الأفكار المتطرفة التي انتشرت في فترة العشرية السوداء. لذا، علينا أن نقدّم للقارئ الجزائري ما يليق به من كتب، ونبتعد عن العناوين التي تحمل أفكاراً متطرفة أو متعصبة».
لكن تأسيس هذه اللجنة قوبل بعاصفة من الانتقادات. إلى جانب كون هذه اللجنة تشكل إيذاناً بعودة الرقابة الرسمية، لوحظ أنّها تشكلت من جهات لا صلة لها بالثقافة بل من وزارات الثقافة والدفاع والشؤون الدينية والجمارك.