هل يستطيع حسن داوود (الصورة) الحديث عن رواياته كما يكتبها؟ سؤال يخطر في البال مع حلوله غداً الأربعاء ضيفاً على الشاعر والزميل ياسين عدنان في برنامج «مشارف» على «القناة المغربية الأولى». نتذكر نبرته المتباطئة التي بنى بها عوالم رواياته، وإحساسنا أننا مدعوون لقراءة مماثلة وبطيئة. نستعيد سرديته المتمهلة التي بدت ناضجة وآسرة منذ باكورته «بناية ماتيلد». كتب داوود الرواية بالطريقة التي يطيب له أن يحضر بها في حياته الشخصية والمهنية. هناك دوماً طبقة من التأمل تترافق مع جملته الروائية التي لا تترك تفصيلاً ولو كان عابراً إلا وتعتني به. كأن صاحب «أيام زائدة» سعى دوماً إلى إنجاز «قطعة» أدبية تتمتع بنوع من الخلود والكمال، ولكن العناية الأسلوبية الفائقة لم تقف عثرةً أمام عناية مشابهة بمجتمعات رواياته وشخصياتها وأحداثها. هكذا، حضرت الحرب الأهلية، ومفاصل من السيرة وتاريخ العائلة الجنوبية، إضافة إلى موضوعات أخرى متصلة بالحرب والتشوهات الاجتماعية والسياسية التي نتجت منها. الحرب ستكون لها الحصة الأكبر في حلقة الغد، خصوصاً أنّ الرواية اللبنانية الحديثة شهدت ولادتها الثانية في أعمال داوود ومجايليه في فترة الحرب، قبل أن تتحول إلى موضوعة مفضلة لدى روائيي الجيل التالي أيضاً.
هكذا، سنسمع وجهة نظره حول «جيل الحرب»، وسر تحوّلها إلى إلهام أساسي لدى أغلب الروائيين اللبنانيين، وإلى أي حد نجح هؤلاء في توثيق الحرب ونتائجها وارتدادتها التي لا تزال تهدّد زمن السلم اللبناني الراهن.
لم يكتب صاحب «مائة وثمانون غروباً» الحرب مباشرةً، بل أرّخ تأثيراتها الجانبية وتصدّعاتها النفسية على حياة أبطاله وشخصياته. وهي الطريقة ذاتها التي كتب بها أعمالاً بعيدة عن الحرب مثل «لُعب حي البياض» التي سرد فيها محطات أساسية من سيرة والدته، و«سنة الأوتوماتيك» التي عاد فيها إلى حقبة ما قبل الحرب. ما فعله في الكتابة انسحب على قراءاته أيضاً، وهو ما يبدو في تأثيرات بعيدة لمناخات فوكنر وكونديرا وكاواباتا، ولكنها تتحول إلى مقتنياتٍ شخصية في رواياته. في المحصلة، سيتأكد مشاهدو البرنامج من أن الرواية بحسب رأي حسن داوود تتحقق في كيفية كتابتها، لا في سرد وقائعها فقط.



00:40 غداً على القناة المغربية الأولى