القاهرة | لم يكن ما حدث أول من أمس في مدينة الإنتاج الإعلامي في القاهرة يشبه التظاهرة التي حاصرت المدينة خلال رمضان الماضي لمنع الإعلامي توفيق عكاشة من الظهور على قناة «الفراعين». وقتها، كان معظم المتظاهرين ينتمون إلى التيار الإسلامي، الذي تخصص عكاشة في الهجوم عليه، وخصوصاً بعد فوز محمد مرسي بالرئاسة. لكن المتظاهرين اكتفوا بالوقوف خارج البوابات وأعطوا للأمن فرصة الاتصال بالشرطة، التي أرسلت تعزيزات تمنع دخول المتظاهرين إلى داخل حرم المدينة التي تضم معظم الفضائيات العاملة في مصر.
لكنّ الألتراس «الأهلي» (رابطة المشجّعين) كانوا أكثر ذكاءً. لم يعلنوا عن الخطة مسبقاً كما فعلوا قبل ثلاثة أيام عندما حاصروا فجأة أيضاً ملعب التدريب الخاص بـ«النادي الأهلي» في مدينة نصر. على المنوال نفسه، لم يكن أمام رجال أمن مدينة الإنتاج الإعلامي إلا السماح لهم بالدخول، فأيّ صدام كان يعني وقوع مذبحة لن يتحمل أحد وزرها. دخل الألتراس في تظاهرة سلمية ذات رسالة واضحة أنّهم يريدون منع الإعلاميين أحمد شوبير ومدحت شلبي من تقديم برامجهما على قناة «مودرن سبورت» التابعة حالياً لمجموعة قنوات «سي بي سي». المختلفون مع الألتراس يرون أنّ مقاومة التحريض الذي يقوم به شوبير وشلبي ضد الثورة وشبابها لا يتم بهذه الطريقة. أما المتفقون معهم، فيعتبرونها خطوة متأخرة، وخصوصاً أنها أثمرت فعلاً. لم يظهر شوبير وشلبي مساء الثلاثاء على الشاشة. طلبت منهما إدارة القناة عدم الحضور إلى الاستديوهات حرصاً على سلامتهما، علماً بأنّ شوبير وشلبي يعدّان من أبرز وجوه النظام السابق المستمرين على الشاشة حتى الآن. وقد قادا مع بعض المحللين الرياضيين حملة تشويه للثورة المصرية منذ يومها الأول، مع الأخذ بالاعتبار أنّ السوق الكروية من أكثر الأسواق التي تضرّرت من الثورة. لكن عندما عادت إليها الحياة، وقعت مذبحة بور سعيد التي راح ضحيتها 74 شهيداً من الألتراس. أما زملاؤهم فيرون أن عودة النشاط من دون رجوع حقهم أمر غير مقبول، بينما يريد شوبير ورفاقه من الجميع الصمت حتى تعود الكرة إلى الملاعب المصرية. صراع لن ينتهي، لكنّ الأزمة تكمن في إصرار المحللين الكرويين على مهاجمة الألتراس واتهامهم بـ«التعصب وعبادة الشيطان» لضرب الشعبية التي يتمتعون بها كونهم متمسكين بمبادئ الثورة. مدير «مودرن سبورت» مازن مرزوق قال سابقاً إنّه لا يوافق على ما فعله الألتراس، لكنه اعترف بأنّ التظاهرة كانت سلمية، رغم الشائعات التي انطلقت عن قيام الشباب بتحطيم الاستديوهات. غير أن المخاوف تتصاعد من استخدام فئات أخرى السلاح نفسه وتأثر السوق الفضائية المصرية بهذه التصرفات. فهل يسارع العاملون فيها إلى تطهيرها من الوجوه المكروهة، أم ينتظرون تحركات جماهيرية أخرى رفضت مبدأ الريموت في يد المشاهد الذي يمكنه تغيير المحطة، وقررت منع المذيع نفسه من الظهور.