الرباط | منذ انطلاقتها قبل ثلاث سنوات، نجحت فرقة «دابا تياتر» («دابا» تعني «الآن» بالمغربية) في مصالحة الجمهور المغربي مع المسرح. هذا المشروع أبصر النور على يد المخرج المسرحي جواد السنني الذي التحق به الكاتب إدريس كسيكس. كان الهدف خلق مسرح تجريبي ينطلق من الأحداث السياسية والاجتماعية للخروج بمحاكاة تسخر من الواقع المغربي المعاصر وتفكّكه. بدأت تجربة «دابا تياتر» عام 2009، حين دعا جواد السنني الشباب المهتمين بالمسرح إلى خلق «مختبر تجريبي»، في مبادرة تحاكي تجربة المعلم الأرجنتيني أوغوستو بوال مؤسس «مسرح المقموعين».
أول الغيث كان برنامج «دابا تياتر مواطن». شكّلت عروضه «لخبار فالمسرح» (الخبر في المسرح) الحدث الرئيسي، محققةً شعبية لدى جمهور الرباط. في بداية كل شهر، صار مئات المواطنين من مختلف الأجيال والطبقات الاجتماعية يتوافدون على قاعة «جيرارد» التابعة للمعهد الفرنسي في الرباط. في «لخبار فالمسرح»، تتحول أحداث الشهر إلى موضوع مسرحي، يكتبه «مواطنون» شباب عبر ورش يديرها إدريس كسيكس وآخرون. يفككون الحدث العام الذي يتصدر صفحات الجرائد ويجعلونه ساخراً وناقداً للواقع. تُقَارِب المواضيع ملفات مختلفة، من الانتخابات النيابية والزعامات السياسية إلى علاقات الشباب والعذرية والهجرة والعلاقات المتوترة مع الجار الجزائري، وهزائم منتخب الكرة وطبعاً التطرف.
تنفتح «دابا تياتر» أيضاً على مجالات أخرى. طيلة الأسبوع الأول من كل شهر تستضيف مدونين، وتقدم عروضاً مسرحية. لم يقتصر نشاط الفرقة على الرباط، بل ذهبت إلى الدار البيضاء ومدن أخرى. لهذا الغرض بالضبط، عقدت شراكة أخيراً مع جمعية «البولفار». والهدف تنظيم لقاء شهري بعنوان «دابا 36» الذي يضم حفلات تنفتح على الموسيقى البديلة والتجريبية. كما تقدّم حدثاً شبيهاً في الرباط أطلقت عليه تسمية Daba Off.
في الموسم الجديد الذي ينطلق في الأول من تشرين الأول (أكتوبر)، سيترك «لخبار فالمسرح» مكانه لحدث جديد هو «مّالين لبلاد» (أصحاب البلاد). وفق المنظمين، يهدف هذا اللقاء إلى دعوة مؤسسات من المجتمع المدني «كل شهر إلى كواليس «دابا تياتر» من أجل مشاطرتها تجربتها في المجال الذي تشتغل فيه. بعدها، يعمل مخرج وكتّاب وممثلون على إنجاز عرض متكامل حول هذه المؤسسات، على أن يقدم ليومين في فضاء «دابا تياتر» قبل نقله إلى فضاءات أخرى. الهدف من هذا اللقاء الانفتاح على منظمات المجتمع المدني، والجمعيات الأهلية التي ستلهم الحدث الشهري لـ«أصحاب البلاد».
جديد «دابا تياتر» لهذه السنة أيضاً برنامج الإقامات الفنية «لَّعْبو دابا» (لنلعب الآن) الذي يهدف إلى مد الجسور بين فناني المشرق العربي والمغاربيين. تعنى الإقامات التي تمتد لثلاثة أسابيع، بتطوير عروض حول ثيمة يختارها الفنانون المشاركون. ويمتلك هؤلاء الحرية في اختيار المشاركين معهم في العروض من فنانين مغاربة، سواء محترفين أو هواة. في كانون الثاني (يناير)، سيحتفي «لَّعْبو دابا» بالثورة التونسية من خلال إقامة فنية. الإقامات الأدبية ستُختتم بثلاثة أيام من العروض تتخللها نقاشات وحوارات كندوة «الجسد في المسرح» (27/1/13). تنظم اللقاءات المسرحية وبعض الندوات في مدارس جمعيات أهلية في الرباط ومقارّها. هذه النقطة تحسب لـ«دابا تياتر» التي كانت أغلب عروضها تقتصر على المعهد الفرنسي. يؤكد جواد السنني أنّ أنشطة «دابا دياتر» الجديدة ستصل إلى «48 ورشة، وموسم «دابا تياتر مواطن» لعام 2012، ويوم مع «دابا 36» ويوم آخر من عرض Daba Off إلى جانب 3 أيام من «لَّعْبو دابا»... فهل يفلح عطار «دابا تياتر» في إصلاح ما أفسده المسرح النخبوي في المملكة؟

موسم «دابا تياتر مواطن»: من الأول حتى 6 ت1 (أكتوبر) ــ الرباط ــ للاستعلام:00212537704013



جيل جديد

تحمل «دابا تياتر» التي تصف نفسها بـ«المسرح المواطن»، مقاربة تربوية إلى المسرح وثقافته أيضاً. العديد ممن مثّلوا، أو شاركوا في ورشات الكتابة لأي عرض مسرحي قدّمته الفرقة، لم يتلقّوا تكويناً في المسرح، بل هم شباب «استقطبهم» الحدث الثقافي الذي انخرطوا فيه. وبفضل هذه المبادرة، برز جيل جديد من المسرحيين والسينمائيين المغاربة كفيصل عزيزي ونورية بنبراهيم التي أدت بطولة المسرحية المثيرة للجدل «ديالي» («الأخبار» 5/07/2012).