القاهرة | رغم أنّ روّاد مواقع التواصل الاجتماعي شُغلوا أمس بذكرى رحيل عبد الناصر، إلا أنّه سرعان ما امتلأت صفحتهم بعبارات تنعى أحمد رمزي (1930 ـــ 2012) الذي توفي بعد ظهر الجمعة بنحو مفاجئ؛ إذ وافت المنية الممثل المصري عن عمر ناهز 82 عاماً بعدما اختل توازنه وسقط أرضاً في حمام منزله في الساحل الشمالي حيث كان يقيم منذ أكثر من 10 سنوات بعد اعتزاله التمثيل ولم ينجح الأطباء في إنقاذ حياته بعد نقله إلى المستشفى. بذلك، تفقد «هوليوود الشرق» أحد أبرز أعمدتها ممن صنعوا نهضتها السينمائية، بدءاً من الخمسينيات، هو الذي ينتمي إلى جيل العظام من عمر الشريف، وفاتن حمامة، وشكري سرحان، وسعاد حسني وغيرهم الكثير.
لُقِّب رمزي بـ«دونجوان السينما المصرية» بفضل وسامته التي قدمته للمرة الأولى في فيلم «أيامنا الحلوة» (إخراج حليم) في عام 1955 لينطلق بعدها في عالم البطولات مع أفلام وصلت إلى 111 عملاً. مع أنّ رمزي دخل الفن بالمصادفة بفضل عمر الشريف الذي ربطته به علاقة صداقة دامت حتى أيامه الأخيرة. حتى إنّ المخرجة إيناس بكر مديرة أعمال الشريف في القاهرة، لم تستطع إبلاغ الممثل المصري بخبر وفاة رفيق دربه، بل اكتفت بالاتصال بنجله الموجود معه في العاصمة الفرنسية لترى كيف يمكن أن تخبره بالوفاة.
اختيار رمزي التمثيل جاء بفضل المخرج حلمي حليم الذي شاهده في إحدى المرات، فلفت انتباهه وقرر أن يقدمه إلى الشاشة الكبيرة باعتباره أحد الوجوه الجديدة، على الرغم من أنّه لم يكن قد وقف سابقاً أمام الكاميرا. كانت مشاركاته الفنية تقتصر على خشبة مسرح «مدرسة كلية فيكتوريا» حيث درس مع صديقه عمر الشريف بدايةً لينطلق بعدها نحو النجومية بسرعة البرق.
منذ دخوله السينما، قدم أحمد رمزي نوعية مختلفة من الأدوار التي اعتمدت عليها سينما الخمسينيات. حاول نجم «ثرثرة فوق النيل» أن يقدم في أعماله صورة جديدة للسينما، هي سينما الشباب، فجسّد شخصية الشاب الشقي والخفيف الظل الذي تلاحقه الفتيات (الحب سنة 70) وتعشقه هند رستم (ابن حميدو).
والده هو محمود بيومي أحد الجراحين الشهيرين في مصر، ووالدته من أصول إنكليزية، تزوجها والده خلال دراسته العليا للطب في لندن. لم يكمل رمزي تعليمه الجامعي. بعدما التحق بكلية الطب لثلاث سنوات وبعدها بكلية التجارة، قرّر التفرّغ للسينما. تزوج ثلاث مرات، من بينها زواجه الفنانة والراقصة نجوى فؤاد التي عاشت معه قصّة حب، لكنّ الحياة الصاخبة التي كان يحياها رمزي حالت دون استمرار الزواج أكثر من ثلاثة أسابيع، وآخرها مع نيكول التي أنجب منها شاباً وفتاة.
لم تفلح محاولات صاحب «شاب مجنون جداً» في تحقيق الشهرة عالمياً كما فعل صديقه عمر الشريف. صحيح أنّه ذهب إلى إيطاليا وقدم عدداً من الأعمال في السينما الإيطالية منها «ابن سبارتاكوس» (عام 1962)، و«حديقة الشيطان» (1971)، و«يمكنك أن تفعل الكثير بالنساء»، لكن هذه التجارب لم تحقق له العالمية التي كان ينشدها.
قرر رمزي أن يعتزل التمثيل بإرادته لبضع سنوات، قبل أن يعود وعلامات التقدّم في السنّ على وجهه والصلع غزا رأسه من خلال مشاركته في مسلسل «وجه القمر» (2000) مع الفنانة فاتن حمامة وفيلم «الوردة الحمرا» (2001) مع المخرجة إيناس الدغيدي، لكنّه سرعان ما عاد واعتزل التمثيل مرة أخرى، مفضلاً الجلوس في منزله في الساحل الشمالي، ولم يشارك بعدها في أي عمل باستثناء حلوله ضيف شرف على مسلسل «حنان حنين» (2007) مع رفيق عمره ودربه عمر الشريف.