ضمن الاستجابات الجدية لأحداث «الربيع العربي»، وتحت عنوان «العالم المقلوب»، يستضيف «المعهد الألماني للأبحاث الشرقية» في بيروت اليوم مؤتمراً حول الممارسات والظواهر الثقافية التي واكبت الحدث العربي، وكانت جزءاً فعالاً، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في إنضاج الظرف السياسي والاجتماعي الذي احتضن هذا الحدث الكبير. يركز منظمو المؤتمر والمشاركون فيه على الجانب الإبداعي في ترجمة أشكال التغيير السياسي الجديد في العالم العربي، وخصوصاً لدى الناشطين والفنانين الشباب الذين شكلوا طليعة هذا التغيير.
يُفتتح المؤتمر بمحاضرة للروائي الياس خوري في مقر المعهد، بينما يشارك كتّاب وأكاديميون وإعلاميون وفنانون لبنانيون وعرب وأجانب في الفعاليات المبرمجة على الأيام الأربعة التالية في المكتبة الشرقية (الجامعة اليسوعية)، و«مسرح غلبنكيان» (الجامعة اللبنانية الأميركية)، و«مسرح مونو»، و«مركز بيروت للفن». وبالتزامن مع الندوات، تُعرض سلسلة أفلام تسجيلية قصيرة على درج مار نقولا في منطقة الجميزة (5/10)، إضافةً إلى مشروع هيب هوب لفرقة «خط ثالث» (7/10) في «مترو المدينة» في شارع الحمراء.
البرنامج الثري والمتنوع موزع على أربع جلسات، وكل جلسة تتضمن حلقتين. الجلسة الأولى تنعقد تحت عنوان «الرسائل الصوتية: الموسيقى الشعبية والتحول الاجتماعي والسياسي» (5/10)، وهي مخصصة للحديث عن طموحات الأجيال الجديدة من الموسيقيين الشباب في أنماطٍ مثل الهيب هوب والراب والأغاني الثورية التي ولدت داخل التظاهرات والاحتجاجات الحية. تتضمن الحلقة الأولى منها أربع مداخلات، والثانية ثلاث محاضرات، وجميعها لباحثين وأكاديميين أجانب، بينما يشارك في الحلقتين عددٌ من مغني الهيب هوب والراب العرب الذين صنعوا جانباً من الحراك الثوري في بلدانهم. الجلسة الثانية تحمل عنوان «سرديات متسلسلة وغير متسلسلة في نطاق الثورات العربية» (6/10)، وتضيء المداخلات المشاركة فيها على تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وفنون الغرافيتي والأفلام والصورة في الحراك العربي، ويشارك فيها باحثون وناشطون وإعلاميون عرب وأجانب، ويتضمن بعضها تجارب شخصية وميدانية، بينما تتناول مداخلات أخرى تجارب مماثلة لكن بعين غريبة تراقب وتتأمل المشهد من الخارج. «الاحتجاجات العلنية والسيناريوهات الخفية» (7/10) هو عنوان الجلسة الثالثة التي تتوزع على حلقتين أيضاً، ويبحث خلالها مشاركون أجانب، وآخرون من ليبيا والبحرين ومصر، عن أسباب الثورات العربية، والسياقات المختلفة التي نتجت منها. أما الجلسة الرابعة والأخيرة، فتحمل عنوان «الفكاهة، والمعاناة والمقاومة» (8/10)، وهي مخصصة للحديث عن الوظائف المختلفة لروح النكتة في التعامل مع القمع السياسي والاجتماعي والثقافي، ويتحدث فيها ناشطون وأكاديميون لبنانيون وعرب عن الاحتجاج التهكمي الطالع من الروح الشعبية كمؤشر على رفض السلطة السياسية الحاكمة.
هكذا، تكمن دسامة البرنامج في أطروحاته الحيوية، وتركيزه على الممارسات الثقافية الجانبية مقارنة بالوقائع المباشرة، لكن يبقى أن لا يغفل المشاركون عن مآلات الثورات التي استُبعد منها مشاركون أساسيون في اندلاعها، إضافةً إلى الانتكاسات العديدة في مسائل الحريات والعلمنة وحقوق المرأة.



* «العالم المقلوب»: بدءاً من اليوم حتى 8 ت1 (أكتوبر) ـــ «المعهد الألماني للأبحاث الشرقية» (زقاق البلاط ــ بيروت) للاستعلام: 01/359241