ظن البعض أنّ الأزمة في سوريا وتدهور وضع الدراما في عاصمة الأمويين، سيجعلان الخبرات السورية تسهم في نشوة مسلسلات الدول المجاورة مثل الأردن ولبنان، على اعتبار أنّ المرحلة ستشهد هجرة تلك الخبرات للعمل في مسلسلات عربية. لكنّ الحقيقة أنّ ذلك لم يحصل حتى الآن خصوصاً في لبنان الذي يبدو أنّه لن يشهد انفراجاً أو تطوراً ملحوظاً على صعيد صناعة الدراما. غالباً، سيقف السوريون ليقولوا: عذراً لم نتمكن من إحراز أي حضور هنا. قد ينطبق ما سبق على تجربة المخرج السوري سيف الدين السبيعي. بعدما شارك في برنامج «ديو المشاهير» وحقق حضوراً لافتاً، عرضت عليه شركة «مروى غروب» اللبنانية إخراج مسلسل «مراهقون» لكلوديا مارشليان. لكنّ الشركة سرعان ما غيّرت خطتها لتنتج مسلسل «ديو الغرام» المستوحى من برنامج «ديو المشاهير» الذي لعب بطولته نجما البرنامج اللبنانيان ماغي بوغصن وكارلوس عازار.
لكن العمل الذي عُرض في رمضان الماضي، لم يلق الصدى والاهتمام على المستوى النقدي. مع ذلك، أرادت «مروى غروب» تكرار التجربة مع المخرج السوري والعودة إلى مسلسل «مراهقون» الذي كان مقرراً إنتاجه العام الماضي لتلعب بطولته مجموعة من الممثلين اللبنانيين منهم يوسف حداد، ومجدي مشموشي، وتقلا شمعون، وعلا علاء الدين، وجويل منصور، ودوري سمراني إضافة إلى مجموعة شباب تقف غالبيتهم للمرة الأولى أمام الكاميرا بعدما اختارهم المخرج السوري وأخضعهم لفترة تدريبية على التمثيل. يؤكد سيف الدين السبيعي في حديثه مع «الأخبار» من موقع تصوير مسلسله في منطقة الفنار (جبل لبنان) بأنّه لم يبتعد عن الدراما السورية بسبب الأزمة في دمشق. بل إنّ اتفاقاته مع الشركة المنتجة فرضت عليه تكرار التجربة في لبنان. وقبل الخوض في موضوع «مراهقون»، يؤكد صاحب «أهل الراية» أنّ «ديو الغرام» حقق متابعة جماهيرية عالية لكنه لم يرفد بحالة نقدية كما كان يتمنى «لم أقرأ أي مقال نقدي حقيقي عن العمل ربما بسبب مواقف مسبقة من الشركة أو مني أنا كمخرج سوري. لكن أعترف بأنني لم أكن راضياً عن صورة العمل الفنية التي عانت من المشاكل. وهذا الأمر لا يمكن أن يتحمله المخرج بمفرده لأنه ليس ساحراً ولا يملك عصا موسى ولا يمكنه أن يدير العمل بمفرده». وبالعودة إلى «مراهقون»، يخبرنا السبيعي بأن المسلسل يتطرق إلى مشاكل المراهقين في هذه المرحلة العمرية الحساسة ويقدّم مقترحات للطريقة التي قد تكون ناجحة في تعامل الأهالي مع أبنائهم. يقول: «عندما يصل الطفل إلى مرحلة المراهقة، يكون الأهل أمام أزمة حقيقية. قد يقدّم هذا العمل مفاتيح لإدارة الأزمة لأنه يدخل في قضايا ومشاكل هؤلاء الشباب الحساسة ويحاول معالجتها في العمق». وفي السياق ذاته، يفيد السبيعي بأنّه يقدم حكايات لبنانية خالصة تسلط الضوء على مجموعة من الشباب الذين يمرون في المراهقة وسيكون الحب ملح هذه الحكايات في الشكل العام. ولدى سؤالنا عن مواقع التصوير وإن كان يتقصد اختيار أماكن ذات طبيعة خلابة لتنشيط السياحة مثلاً، ينفي السبيعي أن تكون الدراما وسيلة متعمدة لترويج السياحة «لأن هناك محطات متخصصة في هذه المهمة والدراما التلفزيونية غير معنية بهذا الشأن». وعن مدى التزام الممثلين اللبنانين وإمكاناتهم، يكتفي السبعي بتعليق مقتضب «الممثل اللبناني خامة جيدة». لا يخفي السبيعي قلقه من نتائج تجربته اللبنانية الثانية، خصوصاً أنه يعتبر من ألمع المخرجين السوريين الشباب، فيما يؤكد أنّه سيعود في مسلسله القادم إلى دراما بلاده من خلال مسلسل تاريخي ستدور كاميرته بعد انتهائه من «مراهقون» مباشرة في المغرب لتكون تجربته هذه المرة مع الدراما التاريخية من دون الإفصاح أكثر عن التفاصيل.
وبالعودة إلى تصوير «مراهقون»، يرفض النجم اللبناني يوسف حداد الحديث عن دوره، فيما تقول الممثلة الشابة ريتا حرب في حديث مع «الأخبار» بأنها تلعب دور «فيكي» الأستاذة الجامعية والأم المدفوعة برسائل وغايات إنسانية كبيرة تسعى إلى تحقيقها ولا تتردد في مساعدة كل من ترى أنّه في حاجة، خصوصاً على المستوى النفسي على اعتبار أنه جزء من عملها كمختصة في العلوم الإنسانية. لذا تجد نفسها في مواجهة مجموعة كبيرة من المراهقين بدءاً من أولادها مروراً بطلابها وصولاً إلى أبناء أصدقائها وكل من تعرفه. وتضيف حرب أنّ الشخصية تتعرض لإشكاليات في حياتها الزوجية في وقت يظهر في حياتها حب قديم.
هكذا تبدو زيارة موقع تصوير مسلسل لبناني فرصة لاكتشاف سبب تأخر هذه الدراما وغرقها في السطحية وعجزها عن مواكبة الواقع اللبناني المليء بالأحداث. العلامات المميزة لمكان التصوير هي الاسترخاء المطلق لفريق العمل كأنّ الدراما اللبنانية في مكان لا يمكن لأحد الوصول إليه، ثم هناك التركيز المبالغ فيه على تفاصيل سطحية والبطء الشديد في إنجاز المشاهد والجفاء المطلق مع المحيط اللبناني وما يعانيه حقيقة. ربما تلك المشاكل ستحد من إمكان نجاح أهم مخرج عربي إذا فكر في إنجاز مسلسل لبناني.