دمشق | بدأت الفكرة بتصوير شريط تسجيلي عن قرية عزلاء تقبع عند حدود الجولان. كانت لميا أبو الخير (1984) تخوض تجربتها الإخراجية الأولى بدعم من «مؤسسة الشاشة» في بيروت. وضعت الكاميرا خلف درابزين شباك بيتها لتصوير فيلمها السّري «كانت كاميرتي خائفة، وكوادري مهتزّة، فبزغت لديّ فجأةً فكرة شريط آخر عن الخوف» تقول في مقدمة الشريط الذي صار عنوانه «باللون الأحمر».

بالمصادفة، التقت فتاتين وشاباً من جيلها، وطرحت عليهم أن يقفوا أمام العدسة لإحصاء حصتهم من الخوف. أعجبت الفكرة فدوى العلاف «حابة أسمع صوتي» تعلّق ضاحكة، قبل أن تكتشف حجم الإحباط المحيط بحياتها بسبب المفاهيم الجاهزة التي عمّمها المجتمع على شكل محرّمات، من دون أن يفحصها أحد، فتصل إلى نتيجة مفادها أنّ الخوف ينبع من داخلها، وليس لديها ما تخسره في حال مواجهته. ويقول معن ملحم، الذي درس المعلوماتية في الجامعة، «لا أحتاج إلى اختراع الخوف، يكفيني ما لديّ من وجع، بدءاً من شرطي المرور إلى سلطة الأب»، وتالياً، فهو لا يجد طوق نجاته إلا بالسفر. هذا الوجع سيجد مسالك متعددة لدى خلود محمد، التي ترى أنّ الحياة هنا تعمل بالأبيض والأسود، وأن ليس أمامها سوى الهجرة حتى «لا أشلح حالي عالجسر». وتضيف: «أقلّه أن أعيش مستقلة، ووقتها لن أعبأ باتهامات من نوع «فلتانة»».
في موازاة هذه الاعترافات الساخنة لجيل تائه، تسعى عدسة لميا أبو الخير خلال 40 دقيقة إلى فحص اللحظة السورية الراهنة، عبر إشارات خاطفة. يتخلل حوارات الشريط صوت رصاص، فيما تتدحرج ثمار جوز طرية إلى الأسفل، على خلفية أغنية تعبوية للمغنّي وفيق حبيب عن صمود سوريا، قبل أن يكسرها صوت أم كلثوم، ثم نشرة أخبار التاسعة صباحاً. هكذا تبرّر لميا بصوتها كوابيس مناماتها، غير عابئة بما تقوله كوليت خوري في إحدى المحطات الإذاعية بأنّ «سوريا ستبقى شامخة». في «اللون الأحمر» (مرشح للمشاركة في «مهرجان قرطاج» المقبل)، لا تنقص السينمائية السورية الشابة الجرأة في مواجهة تابوهات الخوف، على رغم حيرة كاميرتها في تلمّس سردية بصرية متناغمة.