القاهرة | آخر ما كان يتوقّعه المتابع لمسيرة عمرو دياب، خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة، أن ينقلب عليه أيمن بهجت قمر صاحب أفضل الأغنيات التي قدمها «الهضبة» في السنوات الاخيرة، لكن الشاعر الغنائي والسيناريست المصري فاجأ الجميع وفعلها أول من أمس عندما كتب عبر حسابه الشخصي على فايسبوك تفاصيل خلاف مكتوم اشتعل منذ ثلاث سنوات بين المؤلفين والملحنين من جهة والنجم المصري من جهة أخرى.
أعلن أيمن بهجت قمر مقاطعته لألبوم دياب المرتقب إطلاقه في نهاية الشهر الجاري عن «روتانا» رغم ما تردد عن انفصال «الهضبة» عن الشركة السعودية المثيرة للجدل. لكنّ قمر والملحنين عمرو مصطفى ومحمد يحيى لم يقاطعوا الألبوم بسبب خلاف على الأجر أو شيء من هذا القبيل. ها هو قمر يفجّر قنبلة من العيار الثقيل وصلت إلى حد اتهام دياب بالتفريط بالتراث الموسيقي المصري لصالح روبرت مرودخ المليادير الصهيوني الهوى المعروف الذي يعد شريكاً رئيسياً في «روتانا» (الأخبار 7/9/2009). إذ كتب على صفحته: «لما تكون فنان مصري كبير وتقبل تبيع أغانيك وتاريخك لمردوخ الإسرائيلي دي حريتك الشخصية، لكن أنا أغانيا دي سايبها لبلدي ولولادي من بعدي، أنا ماببيعش تاريخي».
القصة باختصار هي اعتراض قمر وزملائه على استمرار سياسة «روتانا» التي تقضي بأن يوقّع المؤلف والملحن على ما سُمّي «أمر النشر» الذي تنفرد «روتانا» بتطبيقه في الوطن العربي. وبحسب قمر، فإنّ «أمر النشر يعني تنازلك عن كل حقوقك وحقوق أولادك وأحفادك، أي أنّ شركة «روتانا» تستحوذ على حق الأداء العلني بأثر رجعي. ولذلك، سنعقد اجتماعاً عاجلاً قريباً في شركة «أرابيان رايتس» التي أسّستها مجموعة من الشعراء والملحنين للدفاع عن حقوقهم. وسندعو كافة المهتمين بهذا الموضوع إلى شرح تفاصيل أكثر». ما قصد قوله قمر هو أنّ الألحان والكلمات لا تعود مملوكة لأصحابها بل لـ«روتانا» التي يحق لها التصرّف به كما تشاء على عكس المتبع في سوق الغناء في كل دول العالم تقريباً، فالمتعارف عليه أنّ الشركة المنتجة تمتلك فقط الأغنية بصوت المطرب. وإذا قرّر مطرب آخر إعادة تقديمها فعليه العودة أولاً إلى المؤلف والملحن أو إلى ورثتهما في حال الوفاة، والحصول على الموافقة ودفع المستحقات المالية التي تحددها «جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى» SACEM. لكن الحال مع «أمر النشر» الخاص بـ«روتانا» عكس ذلك تماماً. تستطيع الشركة التحكّم بالأغنية تماماً كما تفعل حين تقوم بشراء نيغاتيف بعض شركات الانتاج السينمائي مدى الحياة، بحيث يحق لها التحكم في الفيلم وعرضه أو بيعه أو اخفاءه لو ارادت. وقد زاد الصدام حدةً مع تذكير قمر بأنّ «روتانا» ليست شركة عربية خالصة وأنّ وجود مردوخ يعني أنّ ما ينتجه الملحّنون والشعراء العرب قد يذهب إلى اسرائيل (الأخبار 2/10/2012)، وعاتب قمر المغني المصري على عدم تصديه لهذا الاجحاف من «روتانا» وكان بامكانه بأن يطلب تعديل القوانين أو ينفصل هو وزملاؤه عن الشركة بحسب قمر. ورغم تلقي الأخير تعليقات غاضبة من جمهور عمرو دياب، إلا أنّ التعليقات المساندة كانت أكبر واتهمت دياب بالسعي إلى المال والنجومية من دون التفكير في المستقبل، الأمر الذي فتح باباً واسعاً للنقاش في القضية والتفكير في طرق بديلة لحماية الانتاج الموسيقي المصري تلبيةً لدعوة ايمن بهجت قمر فيما لا يزال دياب يعتصم بالصمت حتى الآن.