تواصل «جمعية مهرجان الصورة ــــ ذاكرة» مشروعها الفوتوغرافي مع الأطفال اللاجئين في لبنان. بعد «لحظة» بنسختيها الاثنتين، احتضنت «دار المصور» في بيروت أخيراً معرض «رؤى»، قبل أن ينتقل اليوم إلى غرناطة. لمدة ثلاثة أشهر، عمل فريق «ذاكرة» مع ثمانين مراهقاً في مخيمات اللاجئين في عين الحلوة، وصيدا، ومنطقة النبعة، وبيروت. يشرح رمزي حيدر (مدير الورشة) لـ«الأخبار» آلية العمل في الورشة التي امتدت لثلاثة أشهر وأفضت إلى الصور المعروضة في «رؤى».
لا مواد نظرية، بل تطبيق عملي منذ اليوم الأول. وزّعت جمعية «ذاكرة» كاميرا رقمية على كل مشترك. كان اللقاء يتمّ على نحو دوري مرتين في الأسبوع، وتحديداً كل اثنين وخميس. أما خلال أيام الأسبوع الأخرى، فينطلق المشاركون للتصوير. يختار كل مراهق موضوعاً يهمه أو يمسّه. ضمن ساعات العمل خلال الورشة، يطّلع فريق جمعية «ذاكرة» على الصور التي أنتجها المشاركون، ومن هنا ينطلق النقاش بدءاً من مضمون الصورة، وصولاً إلى جميع التفاصيل التقنية، من إضاءة وكادرات وتقنيات تصوير مختلفة. تتكرر تلك المنهجية طوال مدة الورشة، فيراكم المصوّرون الجدد شيئاً فشيئاً تجربة مصقولة بتقنيات التصوير المكتسبة. مع نهاية الورشة، جُمعت الصور التي اختيرت خلال العمل، وطُبعت لتقدم للجمهور ضمن معرض «رؤى» في «دار المصوّر» في الحمرا. هكذا أتت النتيجة مثيرة جداً للاهتمام، ولا سيما أنّها نتاج هواة معظمهم لم يمسك آلةً فوتوغرافية من قبل.
نرى الانعكاس عنصراً يجمع عدداً كبيراً من الأعمال المقدمة. في صورة لمحمود محمد، يظهر انعكاس صورة فتاة في زجاج واجهة أحد المحال التي تعرض فستان عرس. الفتاة تشخص في الفستان مأخوذة في لحظة حلم ارتدائه في يوم فرحها. كذلك في صورة إيفان سرمد التي التقطها من خلف زجاج محل حلاقة، نرى رجلين يسلّمان رأسهما لحلاقين. ينعكس على الزجاج الشارع المقابل للمحل مع ملصق لحركة «أمل» معلّق على الحائط. إضافة إلى تفاصيل العالم الخارجي على محل الحلاقة، يضفي جمالية على تركيبة الصورة وتوزّع الشخصيات داخلها. أما هلا كعوش، فالتقطت صورة لطفلة بفستان زهري تمدّ لسانها لعدسة الكاميرا. وفي الخلفية، ظهرت سيارة سوداء قديمة. صورة تختزن الكثير من الإغراء المونروي (نسبة إلى مارلين مونرو) في لحظة مسروقة من براءة الطفولة.
هكذا في تنوع الصور الفوتوغرافية التي عُرضت في «دار المصور»، لحظات تعكس واقعاً يعيشه صاحب الصورة نفسها، والأهم من ذلك هو الزاوية التي اختار هو رؤيتها، أو بالأحرى ليرينا إياها بدءاً من وحدة امرأة عجوز أمام باب دارها، وصولاً إلى طفل يقفز في الهواء حاملاً علم فلسطين، وليموناً، وظلالاً...