13 لوحة تشكيلية احتضنتها أخيراً غاليري Weekend Gallery في برلين تحت عنوان «الوحوش المفترسة جائعة». جاد سلمان (طولكرم ـــ 1983) المقيم في باريس منذ عام 2007، حاول هنا أن يحاكي ما يحدث اليوم في العالم العربي بعد مرور ما يقارب عامين على اندلاع الثورات فيه.
فترة العمل الفعلي على سلسلة اللوحات استغرقت شهراً، منذ بداية تموز (يوليو) ولغاية آب (أغسطس) 2012. أتت الأعمال لتعبّر عن رؤية الفنان الفلسطيني الشخصية إلى ما يشهده العالم العربي اليوم. يقول لـ «الأخبار»: «لم تكن فكرة المعرض عبارة عن ردّ فعل لما يحدث. إنّه نتاج الألم الشخصي مما أراه من قتل يومي، فقررت أنّه يكفيني صمتاً». ويضيف: «أنا مع الثورات، لكني مع الشعوب أيضاً. تمارَس اليوم عملية الركوب على الثورات الشريفة من خلال وحوش كثيرة همها تصفية الحسابات في ما بينها، لكن، ليس هنالك وحش واحد فقط، بل وحوش كثيرة في كلّ مكان، منها ما تبقى من الأنظمة السابقة، وهناك الاقتصاد العالمي والرأسمالية واللاعبون على وتر الدين».
يربط سلمان «الوحوش المفترسة الجائعة» بدكتاتورية الأنظمة العربية، إنّها «خفافيش الظلام» كما يسمّيها. وهو يجسدها من خلال وجوه متكررة لحيوان النمر، هي متكررة لكن في معظمها لا تشبه بعضها بعضاً. فهو من جهة، عمل على عنصر تكرار وجوه النمر كإصرار وتأكيد على الوحشية، ومن جهة أخرى اشتغل على عدم تشابه شكل الوجوه على الرغم من تكرارها، امتداداً لفكرة أنّه برغم الاختلاف بين البشر المبني على اختلاف الجنس واللون وغيره، إلا أنهم في نهاية المطاف بشر.
أما اختيار «النمر» ليمثّل هذه الوحوش، فيأتي كونه أكثر الحيوانات افتراساً، إضافة إلى حضور حيوانات كثيرة أخرى من السلالة نفسها كالضبع والقطط (وجميعها حاضرة في لوحات المعرض). حضورها في هذا الإنتاج يرمز إلى أن الوحش «لم يأت من فراغ»، بل هو نتاج دعم البيئة الصامت لوجوده وإعطاء هذه «الوحوش» مساحة في الماضي لتحقق ما تريد. وحين ثارت البيئة/ الناس عليها، وجدت الوحوش نفسها أمام خيار وحيد هو التكشير عن أنيابها دفاعاً عن مصالحها في وجه ثورات الشعوب.
يرى جاد سلمان أن الفنّ «كان وما زال وسيبقى عبارة عن بحث في المستقبل وانعاكساً لحياة الفنان». يضيف: «لا أستطيع أن أرسم وردة وأقول إنّ الحياة جميلة. شاء أم أبى الفنان أو الكاتب أو كلّ من يعمل في الفنّ، إنّه مجبر على العمل منصتاً بشكل جيد إلى ما يدور في محيطه». ويشير إلى أنه رغم إقامته في باريس، بعيداً عن الدبابات أو القصف، إلا أنّ «محيطه الأول الذي أتى منه، يمتلئ بالقصف والدبابات»، مؤكداً على أنّ «الفنّ ليس ركوباً للموجة، بل هو اتخاذ موقف وتعبير عن وجهة نظر، لأنّ التاريخ يُكتب بأيدي الذين يعملون في حقل الثقافة». وفي ما يتعلق بمشروعه المستقبلي، سيحاول جاد سلمان أن يعمل على معرض يدمج بين المساحات وفنّ الشارع، وبشكل أقرب إلى الغرافيتي الفلسطيني، لأنّه يعتبر أن الغرافيتي الفلسطيني مختلف عن أي غرافيتي آخر، لكونه استخدم وما زال كنوع من نقل المعلومة في المساحات العامة/ الجدران بكل قسوة وبلا جمالية، «لأن الحقيقة يجب أن تكون واضحة بحدّتها». علاقة جاد سلمان بالرسم بدأت عندما كان في العاشرة من عمره في مدينته طولكرم الفلسطينية: «كنت أخربش على أغلفة الكتب والدفاتر في المدرسة. وفي نهاية السنة، تكون الدفاتر عبارة عن دفاتر رسم أكثر منها للكتابة». بعدما أنهى دراسته الأكاديمية في الفنّ والعمارة الداخلية وتخرّج من «جامعة النجاح» في نابلس، انتقل إلى عاصمة الأنوار حيث يعمل حالياً على رسالة الدكتواره في جامعة «باريس 8» التي قدم فيها رسالة الماجستير في الفنّ المعاصر ووسائط الإعلام الجديدة في عام 2010. قام سلمان بعرض أعماله الفنّية في اليونان، والصين، وإسبانيا، وألمانيا، واليابان، والولايات المتحدة الأميركية ودبي، كما عرضت في العديد من صالات العرض الخاصة في مراكز ثقافية في رام الله ونابلس والناصرة وغزة والقدس وفرنسا والنرويج.
www.jadsalman.ps