فنانو الغرافيتي في مصيدة السلطة مجدداً. بعد تحامل الجهات الرسمية عليهم في لبنان ومصر، جاء اليوم دور تونس! من المتوقع أن يمثل العضوان في حركة «زواولة» (الفقراء بالعامية التونسيّة) الفنيّة أسامة بوعجيلة وشاهين بالرّيش أمام المحكمة الابتدائية في مدينة قابس التونسية بثلاث تهم خطيرة هي «مخالفة قانون الطّوارئ، ونشر أخبار زائفة من شأنها تعكير صفو النظام العام، والكتابة على عقارات عامّة من دون رخصة». وحول تفاصيل القضيّة، أوضح بالرّيش الطالب في «المعهد العالي لفنون الملتيميديا» في منطقة منوبة غرب تونس العاصمة، أنّ الحادثة تعود إلى 3 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حين خرج برفقة صديقه أسامة بوعجيلة ليلاً لرسم غرافيتي على جدران أحد الشوارع، الأمر الذي «تعوّدنا القيام به كطريقة للتّعبير عن مواقفنا المساندة للفئات الشعبية». وفي تصريح لموقع «جدل» الإخباري التونسي، قال بالرّيش إن «دوريّة للأمن الوطني لاحظت وجودنا وطاردتنا في شوارع المدينة، لكنّنا هربنا عند سماعنا إطلاق نار في الهواء»، مضيفاً إنه جرى استدعاؤهما بعد ثلاثة أيام من قبل «فرقة الأبحاث العدليّة في قابس» للتّحقيق، قبل أن يُحالا على وكيل الجمهوريّة الّذي أعلمهما بالتّهم الموجّهة إليهما وبموعد المحاكمة في 5 كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وأعرب بالرّيش عن استغرابه من هذه «التّهم المفزعة»، معتبراً أنّه «لا أساس لها من الصحّة. لقد كنا نعبّر عن أفكارنا بطريقة سلميّة من خلال الكتابة على الجدارن». وفي ما يتعلّق بموقف الجمهور حيال الموضوع، شدد الشّاب على أن العديد من لجان المساندة «بدأت تتشكّل بعفويّة بمبادرة من مجموعة من الأصدقاء المهتمين بهذا النوع من الفن داخل تونس وخارجها»، كما أعلنت العديد من المنظّمات الحقوقيّة مساندتها لهما من خلال بيانات أصدرتها أخيراً من بينها «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان»، و«الرّابطة التّونسيّة لحماية الحقوق الثّقافية والابداعية»، فضلاً عن صفحات التضامن على مواقع التواصل الاجتماعي... وكان فن الغرافيتي قد شهد «ربيعه» في تونس اثر الانتفاضة الشعبية التي أطاحت زين العابدين بن علي، وصار وسيلة التعبير الأساسية التي لجأ إليها الشباب الثائر. وها هو اليوم يمثل أمام المحكمة من خلال أسامة بوعجيلة وشاهين بالرّيش... كأنّنا بهما نحاكم ثورةً كاملةً كان هاجسها ودافعها الأول... الحرية.(الأخبار)