«الهلع» نوع جديد وعصري لم يصب به أحد قبل الإسرائيليين. كانت الكوارث والحروب عبر التاريخ تؤدي الى إصابتين: إما أن تموت وإما أن تضحك بصوت عال. لم يذكر المؤرخون حالات أخرى أو نوع إصابات شبيهة. ربما يكون «الهلع» إحدى عواقب الشق السوري الأفريقي، أو هجرة التماسيح غير الشرعية إلى «بحيرة البجع». من تابع بعضاً من الهلع الإسرائيلي في الأيام الماضية، لا بد من أن يتذكّر قصة المعلمة التي عاد إليها طلاب وطالبات صفّها الأول «ج» مليئين بالرعب عندما تركتهم يلعبون في ساحة المدرسة، وحدث أن اكتشفوا سهواً تلك الغرفة المظلمة المجاورة لغرفة «البوّاب». لقد عادوا منها بسرعة الصاروخ «هلعهم في وجوههم».

أحاطوا مخلّصتهم وانهالوا عليها بالأسئلة التي لا يملك إجابتها أحدٌ في الكون: «ذيله يضيء وينطفئ مثل حذاء مجد»، «أسنانه ملولبة مثل شعر سماهر»، «لقد صرخ في وجهنا كما يصرخ سمير بياع الفلافل»... ملامح وتعابير وجهي لم تختلف كثيراً عن ملامح تلك المعلّمة عندما مررت بجانب التلفزيون المفتوح على القناة الإسرائيلية الثانية. كما أنّ أولئك المذيعين والمحلّلين لم يختلفوا عن أطفال الأول «ج». لكني لست المعلمة ولا أملك برودة أعصابها وتفهمها. ما كان مني إلا أن أضفت الصمت mute عبر جهاز التحكم عن بعد للمشهد الصاخب واكتفيت بمتابعة الهلع عبر أياديهم وأفواههم من ذلك الشيء القابع في الغرفة المظلمة.
* موسيقي فلسطيني