القاهرة | الشائعات التي لا تتوقف في الوسط الاعلامي المصري، جعلت دقائق التشويش التي تعرّضت لها بعض قنوات الـ«نايل سات» أول من أمس تتحوّل إلى سيناريوهات وافتراضات محتملة لا تزال تفرض نفسها على العاملين في تلك الفضائيات رغم أنّ التشويش نفسه لم يستمر أكثر من ساعة. فجأة، انقطع الارسال عن قنوات التلفزيون الحكومي مثل الأولى والفضائية المصرية و«النيل الدولية» و«النيل للأخبار» و«النيل المتخصصة». تحوّلت هذه الشاشات إلى اللون الأسود، إلى درجة أنّ البعض قال إنّ الأمر تمهيد لإعلان الاحكام العرفية!
فيما سخر آخرون من كون القنوات لا يشاهدها الناس أصلاً. لكن سرعان ما تبيّن أن التشويش طاول عدداً كبيراً من القنوات الخاصة أيضاً من بينها «القاهرة والناس» (طارق نور) التي يطلّ من خلالها أحد أبرز الأصوات الاعلامية المعارضة للرئيس محمد مرسي الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى. زادت التوقعات بأنّ هناك نية لتحجيم عيسى الذي وصف مرسي بعد الاعلان الدستوري بأنّه «الفرعون الاله». لكنّ القناة سارعت إلى تشغيل تردد آخر لضمان وصولها إلى مشاهديها، فيما أعلنت إدارة التلفزيون المصري عن تشغيل ترددات بديلة بشكل مؤقت، مؤكدة أنّها تتبع مصدر التشويش لمعرفة سببه ومنع ذلك من الحدوث مرة أخرى. لكنّ تلك الشفافية في التواصل مع الجمهور لم تصل طبعاً إلى حد مصارحة الناس بما يجري الآن داخل «ماسبيرو» الذي استعاد روح وزير إعلام مبارك الأخير أنس الفقي. إذ تلقت إدارة نشرات الأخبار تعليمات بعدم إلصاق صفة الشهيد بمحمد جابر صلاح، أول ضحايا مواجهات محمد محمود الذي شيِّع أمس الإثنين في موكب مهيب في ميدان التحرير. هذا إلى جانب تعليمات مشددة وشفهية بعدم الهجوم على سياسة الاخوان المسلمين، وليس الرئيس مرسي فقط كما كان الأمر قبل الأزمة الأخيرة. ووصلت التعليمات إلى القنوات غير المتخصصة في الأخبار والسياسة. وعبر هذه الأزمة أيضاً، تبوأ وزير الإعلام المصري صلاح عبد المقصود بسهولة صفوف وزراء تكميم الاعلام في الوطن العربي في وقت وقياسي، هو الذي اتهمه الصحافيون قبل يومين ببثّ خبر فشل الجمعية العمومية الطارئة لنقابة الصحافيين بإيعاز من النقيب ممدوح الولي المحسوب أيضاً على جماعة الإخوان قبل أن تكتمل الجمعية وتندد بالاعلان الدستوري الذي أشعل فتيل هذه الأزمة (راجع المقال المقابل). عبد المقصود لم يحترم أيضاً حكم القضاء الذي أعاد بث قنوات «دريم» (الأخبار 17/11/2012) مؤقتاً حتى يتم الفصل في الدعاوى القضائية المتبادلة بين القناة ووزارة الاعلام المصرية، فقرّر تقديم «استشكال» على الحكم ليضمن استمرار الغلق حتى صدور قرار المحكمة.
كل هذه الضبابية أثّرت بشدة على العاملين في القنوات الخاصة داخل مصر، خصوصاً تلك المصنّفة بأنّها تعارض النظام مثل «أون. تي. في» و«القاهرة والناس» وقناة «اليوم» التابعة لشبكة «أوربت». الكلّ توقع مزيداً من الاجراءات القمعية ليس فقط استغلالاً لقوانين مبارك المكبّلة للحريات، بل استثماراً للحصانة الاستثنائية التي حصل عليها الرئيس مرسي جراء الاعلان الدستوري الذي فجّر الأزمة. وحتى لو تراجع الرئيس مؤقتاً، فإنّ التجربة التي عاشها الاعلام المصري في الأشهر الثلاثة الأخيرة تثبت أنّ فترة الحرية الزائفة تبدّدت مجدداً رغم رحيل نظام مبارك وأنّ الخطر يهدد الجميع في ظل فشل النظام في إطلاق قنوات قادرة على الدفاع عنه وتجميل صورته. هكذا، لم يعد ممكناً إلا كتم أصوات المعارضين حتى لو كان هؤلاء هم الذين مهّدوا لوصول مرسي نفسه إلى قصر الرئاسة من خلال دعمهم للثورة ولإجراء انتخابات رئاسية نزيهة وسقوط حكم العسكر. هذا الأخير لم يفعل في الاعلام المصري على مدى عام ونصف العام، ما فعله نظام مرسي في غضون أسابيع.



zoom

الفنانون عادوا إلى الميدان




«مفيش حد بيتفرج على فيلم وحش مرتين، ومحدش بيكمل فيلم وحش للآخر، عشان كدة طفيت التلفزيون ونزلت الميدان»، هكذا برّر النجم المصري أحمد حلمي وجوده في ميدان التحرير يوم الجمعة الماضي مع عودة كبيرة لزملائه الفنانين إلى الشارع مرة أخرى، حتى هؤلاء الذين لم يشاركوا بقوة في فعاليات «ثورة 25 يناير». حالة غضب فناني مصر من رئيس الجمهورية محمد مرسي شملت أيضاً أولئك الذين تراجعوا عن معارضته بعد لقائه بالفنانين في القصر الجمهوري قبل حوالى شهرين. إذ وصف حسين فهمي الإعلان الدستوري الجديد بأنّه أعاد مصر إلى عصر الملكية، حيث الحكم المطلق. وقالت الفنانة بوسي إنّ قرارات مرسي تحولت إلى وقود أشعلت النار في مصر التي باتت في طريقها إلى الجحيم بعد انطلاق التناحر بين القوى السياسية، إثر الإعلان الدستوري الذي صدر الخميس الماضي. وفيما دعت «جبهة الإبداع المصري» ونقابات الممثلين والسينمائيين إلى اجتماع موسع، عقد أمس الاثنين، توجّهت النجمة شيريهان (الصورة) إلى مرسي عبر تويتر، قائلةً: «قراراتك تعتبر ردة شرعية، سلبت السلطة القضائية استقلالها والحصانة. قرارك باطل ومنعدم السند، وتاريخ 22 نوفمبر يعتبر فجراً جديداً لـ«ثورة 25 يناير»». وكانت شيريهان قد عادت إلى الأضواء بقوة في كانون الثاني (يناير) الماضي من قلب ميدان التحرير، فيما التقى العديد من الفنانين المحسوبين على الثورة في مسيرة شهدها ميدان طلعت حرب في وسط القاهرة للتنديد بالإعلان الدستوري والمطالبة بإسقاط الجمعية التأسيسية الموكلة بصياغة الدستور المصري الجديد. وتقدم المتظاهرين كل من: خالد يوسف، محمود قابيل، سلوى محمد علي، سيد رجب، خالد النبوي، زكي فطين عبد الوهاب، المخرج أحمد ماهر وخالد الصاوي. والأخير احتفل بعيد ميلاده التاسع والأربعين في قلب الميدان!