دفتر صغير مؤلّف من 16 صفحة يحوي مقتطفاً من كتاب. هذا هو الشكل الذي اتخذه مشروع «سحبة» من اللعبة الشعبيّة التي تحتلّ مكاناً في ذاكرتنا الطفوليّة. المبادرة التي أطلقتها جمعية «دال» الثقافية اللبنانية ضمن فعاليّات «بيروت عاصمة عالميّة للكتاب 2010»، افتتحت موسمها الثاني خلال مؤتمر أقامته أخيراً في «قصر الأونيسكو» في بيروت برعاية وزارة التربية. «هذا الموسم يختلف كلياً عن الأول»، تقول مديرة البرنامج منى مرعي.
بعدما وزّعت الكتيّبات على المدارس والمراكز التجاريّة والمقاهي (مقابل خمسين ومئة ليرة لبنانية) في موسم 2010، ها هي تقتصر هذا العام على المدارس الثانويّة، أي الفئة العمرية من 14 إلى 18 سنة. وأمس، بدأ العمل مع مجموعة أولى تضمّ 8 مدارس رسمية وخاصة في بيروت وواحدة في عكّار، على أن يستكمل المشروع حتى شهر آذار (مارس). ويعتمد الأخير على جلسات تفاعليّة مع الطالب تستمرّ ثمانية أسابيع بهدف تعزيز مهارات المطالعة عنده واكتشافها. بعدها، توزّع كتيّبات على شكل «سحبة» بين الطلاب، على أن تُعطى مهلة أسبوع للإجابة عن الإسئلة المبنية على قراءة كامل الكتاب، والإجابة عنها عبر صفحة المشروع على فايسبوك. مقاربة ذكية تحبّب الشباب بالقرءاة من خلال مخاطبتهم بلغة العصر ووسائله الجديدة. علماً بأنّ المقتطفات المختارة في «السحبة» كناية عن قصص نجاح وكتب تجارب شخصية وسير ثمانية كتّاب محليين وعالميين، بعدما بيّن استطلاع أجرته «آراء للبحوث والاستشارات» الصيف الماضي أنّ الشباب يولون اهتماماً بهذا النوع من الأعمال.
جوائز معنوية وماديّة، من بينها تذاكر سفر إلى الخارج ستكون مكافأة الفائز. هكذا استخدمت الجمعية هذه اللعبة لخلق مجتمع من القراء في المدارس الثانوية اللبنانية. وفي الوقت الذي لا يزال فيه دعم وزارة التربية معنوياً، تعتمد المبادرة على دعم الأفراد والمتطوّعين و«جمعية أصدقاء المكتبات العامة السبيل»، و«المكتبة العامة لبلدية سن الفيل» وغيرهما من الجمعيات والشركات. وتهدف هذه المبادرة إلى سدّ فجوة عميقة متعلّقة بمستوى القراءة في لبنان، وكسر روتين المناهج التعليمية نزولاً عند رغبة الطالب في الجمع بين الترفيه والمعرفة. صحيح أنّ غياب الدعم المادي من وزارة التربية، يجعل التجربة أكثر صعوبة، لكنّها ليست مستحيلة. لكنّ غياب هذا الدعم يحول دون امتداد المشروع إلى المناطق النائية التي هي أحوج ما تكون إلى هذه المبادرات.