القاهرة | الاحتجاب وسيلة اعتقد المصريون أنّهم لن يعودوا إليها بعد «ثورة 25 يناير» التي رفعت مطلب الحرية، لكن يبدو أنّ الوضع لم يختلف كثيراً «كأنّ الثورة لم تقم». عادت الصحف المستقلة والحزبية إلى سلاحها القديم بالاحتجاب عن الصدور! جاء القرار بعد إجتماع ضمّ رؤساء تحرير تلك الصحف أول من أمس وقضى بالاحتجاب الثلاثاء المقبل اعتراضاً على الإعلان الدستوري، وعلى ما انتهت إليه اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور من مواد تجيز حبس الصحافيين في قضايا النشر، وتمنح للقضاء الحق في إغلاق الصحف ومصادرتها. أما الجرائد التي قررت الإحتجاب فهي: «المصري اليوم»، «التحرير»، «الوطن»، «الصباح»، «اليوم السابع»، «الشروق»، «الوفد»، «الأهالي»، «الأسبوع»، «الأحرار»، «الفجر».
ويشارك في الاحتجاب أيضاً عدد من القنوات التي حضر ممثلوها الإجتماع واتفقوا على تسويد شاشاتها ليوم كامل الأربعاء المقبل كـ ONTV، و«دريم»، وCBC. واتفق هؤلاء على التشاور مع فضائيات أخرى لتشاركهم القرار. وقال رئيس تحرير جريدة «الأسبوع» مصطفى بكري عبر تويتر إنّه أجرى اتصالات مع الفضائيات للغرض نفسه احتجاجاً على «الدستور المعادي للحريات والهجمة على الإعلام والإعلان الدستوري الباطل». وخلال الاجتماع الذي دعت إليه «اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية الرأي والتعبير»، أجمع رؤساء التحرير وممثلو الفضائيات على قرار الحجب وتسويد الشاشات، ورفض الإعلان الدستوري الذي اعتبروه «انقلاباً على أهداف الثورة، وعدم الاعتراف بالدستور». وحضر الإجتماع سكرتير نقابة الصحافيين كارم محمود الذي قال لـ «الأخبار» إنّ «سلاح الإحتجاب هو سلاح قديم استخدمه الصحافيون للتعبير عن غضبهم وإعتراضهم من سياسات النظام السابق، والآن نحن مضطرون للعودة إليه مع إصرار النظام الجديد على السير على الخطى نفسها بتكميم الأفواه وخنق الحريات». وأضاف أنّ هذا السلاح أثبت فعاليته في ظلّ النظام السابق و«نحن آسفون لمعاودة إستخدامه بعد ثورة رفعت مطالب حرية الصحافة وإستقلال الإعلام». واعتبر المرشح السابق لرئاسة الجمهورية حمدين صباحي أنّ قرار الإحتجاب واحدة من وسائل العصيان المدني.
وكانت الصحف المصرية قد استخدمت هذا السلاح في تموز (يوليو) 2006 عندما قررت الاحتجاب احتجاجاً على مشروع قانون كان النظام السابق يعدّه ويسمح باستمرار العمل بعقوبة الحبس في قضايا النشر. وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2007 أيضاً، اتفق 15 رئيس تحرير في جرائد حزبية ومستقلة على الامتناع عن إصدار صحفهم احتجاجاً على على ما وصفوه وقتها بالحملة الشرسة على حرية الإعلام بعد صدور أحكام قضائية بالحبس والغرامة بحق 10 صحافيين بينهم 5 رؤساء تحرير بتهم عديدة من بينها إهانة قيادات الحزب الوطني!