تزامناً مع الانتفاضات التي تعم عالمنا العربي على مختلف الصعد، أطلقت منظمة «كفى عنف واستغلال» أخيراً حملة «الشارة البيضاء» العالمية تحت شعار «هون رجوليتك...؟ فتّش عَ إنسانيتك»، من أجل الدعوة إلى إيجاد «مفاهيم مغايرة للذكورة». وتندرج هذه الحملة ضمن مشروع «تعزيز العمل مع الرجال والشباب لمناهضة العنف ضد المرأة» الذي تنفّذه «كفى» بالتعاون مع «أوكسفام بريطانيا» وبدعم من الاتحاد الأوروبي منذ عام 2009. وهذا العام، أرادت الجمعية أن تؤكد أن كل أفراد المجتمع ضحايا اسقاطات اجتماعية، وأنها تعمل على تغيير المفاهيم التي يفرضها المجتمع الأبوي، ما سينعكش إيجاباً على الرجال أيضاً. كما سيؤدي إلى تبديل السلوك الأساسي للرجل الذي يتصرّف على أساس أن الذكورة مرتبطة بالعنف والقوة والعسكرة والقدرة على السيطرة: «كل هذا يمهّد للعنف من حيث لا ندري، وهو ما يطال المرأة كونها الحلقة الأضعف في علاقة السلطة بين الجنسين في مجتمعاتنا» تقول المنسقة الإعلامية في «كفى» مايا عمّار لـ«الأخبار». وهنا تلفت عمّار إلى أن المنظمة تؤمن بأن الرجال معنيّون بالحد من العنف الذي تتعرّض له المرأة على أساس النوع الاجتماعي.
وفي سياق الحملة، أصدرت «كفى» نشرة مؤلفة من 9 مقالات لرجال من لبنان وسوريا ومصر وفلسطين، على أمل أن تكون «حافزاً لفتح نقاش أشمل يطال الذكورة بمفهومها الحالي ويسعى إلى إظهار مفاهيم مختلفة لها». وترافقت الحملة التي انطلقت في 26 الشهر الماضي (اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة) وتستمرّ حتى 10 من الشهر الحالي (اليوم العالمي لحقوق الإنسان) مع حملة إعلانية لعب بطولتها الممثل اللبناني بديع أبو شقرا وحارس فريق منتخب لبنان زياد الصّمد. فكرة التعاون مع أبو شقرا انطلقت بمبادرة من «كفى». وتشير عمّار إلى أنّ التواصل معه تم بعد الاستماع إلى آرائه «القيّمة في موضوع المساواة بين الرجل والمرأة» التي أبداها خلال مجموعة من إطلالاته الإعلامية الأخيرة. بطل مسلسل «لمحة حب» (2003) اختار المشاركة في هذه الحملة ليقول إنّ «عنفي لا علاقة له بوجودي كرجل، ولن أشارككم مفاهيمكم البالية»، رافضاً البحث عن تعريف للرجولة لأنّه يمقت الكلمة «لما لها من دلالات سلبية في مجتمعاتنا». ومن بين المقالات التي تضمنتها النشرة واحدة لفادي صالح من سوريا، يعترف فيها أبنه تحرّش بامرأة قبل 30 عاماً رغم أنه مثلي الجنس، «لكن في بلادنا لكي تصبح رجلاً، عليك أن تنظر إلى المرأة لغرض جنسي بغض النظر عمّا إذا كنت تجدها جذّابة أو لا». نبيل عبدو من لبنان توجّه إلى أمّه ليخبرها بأنه يحاول أن «أطهّر نفسي من سلطة أعطيت لي منذ أن عرفتم أن ما تحملينه في بطنك ذكر»، فيما ذهب مواطنه جوزف أنطونيوس نحو الدور المرأة في الحياة السياسي قائلاً: «الواقع يقول إنّ نسبة الناخبات في لبنان تفوق النصف، فيما نسبة النساء في البرلمان تقل عن 5%».