برلين | في معرضه «السجادة الطائرة» The Flying Carpet الذي اختتم أخيراً في غاليري «آرت لاب برلين»، يعمل الفنان اللبناني صلاح صولي (1962) المُقيم في العاصمة الألمانية، على فكرة «بساط الريح» كما ترد تسميتها بالعربية. تبدو الفكرة للوهلة الأولى مكررة، إلا أنّ صولي لا يعمل على التراث والخيال الشعبي في تجهيزه الفني، بل يتخذه طرف خيط ليجعل من «بساط الريح» الأسطوري والسحري الذي يمثّل وسيلة للسفر عبر المكان والزمان، حالةً ثالثةً بحد ذاتها بين حالتين هما الأرضية والسماوية. في هذا التجهيز الفني، تفقد «السجادة الطائرة» صورتها التراثية وتصير أداة تعطي للفكرة حجماً، حين تراها مُعلّقة ومحشورة بين أربعة جدران، لا طائرة في السماء. يتحوّل البساط «السحري» إلى وسيلة لخلاص المرء من جحيمه اليومي وشعوره بالإغتراب. ينتقل بواسطته الى المكان الذي يطمح إليه، الى المكان اليوتيوبي. «أنت هنا أمام احتمالية المكان» يقول صولي، مضيفاً: «بساط الريح يصير اللامكان إذا نظرت إليه بشكل سلبي، أو المكان المثالي إذا نظرت إليه بشكل إيجابي. المكان الجحيم، أو المكان الجنة».الفنان الآتي من بيروت، تجد صوراً صغيرة لمدينته في القسم الثاني من معرضه على خلفية صفائح من الزنك والتنك.

إنها ومضات بين الحلم والذكرى الضائعة من بيروت بين الوهم والحقيقة: «بيروت مدينتي التي يوجد فيها بيتي الذي أعود إليه دائماً، لكنها تطورت بشكل لا أطمحُ إليه». يحكي صولي عن العاصمة اللبنانية التي تشهد تطورات هائلة يومياً تُغيّر شكلها. وفي القسم الثالث من معرضه، تجد سجادة شفافة على خلفية مُضاءة لمُخطط مدينة ما (بيروت أو برلين أو القدس؟)، حيث تتخذ السجادة/ البساط هوية المدينة، أو هوية المكان المثالي الذي يطمح إليه المتلقي. قد يكون ملاعب الطفولة، أو سيركاً أو مسرحاً. لكن يبقى مشهد «السجادة الطائرة» المُعلّقة، يعطي إحساساً بحالة القلق والانتظار.
في معرضه، يعطي صلاح صولي الحرية للمتلقي بتفسير عمله كيفما يشاء: «ليس المطلوب من الفنان أن يقدّم فنه كبيان» يقول داعياً المتلقي الى أخذ نفس وإعادة التفكير في فضاءات أُخرى بديلة متخيّلة أو متصوّرة، يأخذه إليها «بساط الريح».