الكاتب الكندي يان مارتيل مؤلف «حياة باي» سعيد باقتباس روايته الحائزة جائزة «بوكر 2002»، إذ قدّم المخرج التايواني آنج لي هدية ستسهم في تثبيت مكانة الرواية. معادلة ناجحة يصنعها لي ببراعته الإخراجية المعهودة، وهوليوود هنا بكامل حلتها مع توظيف تقنية الأبعاد الثلاثة، والإبهار البصري.فيلم ممتع لا يرهق المشاهد خلال متابعته رحلة الصبي باي (سوراج شارما) على قارب نجاة في عرض البحر. أخرج صاحب «جبل بروكباك» عملاً أدبياً بصورة مبهرة، التزم بحبكة الرواية، وحافظ على المقومات الشكلية الأساسية للسينما بمساعدة كاتب السيناريو ديفيد ماجي. في الفيلم كما في الكتاب، يروي باي وقد أصبح كهلاً مستقراً في كندا (يجسّد دوره هنا عرفان خان) قصته العجيبة لروائي (رافي سبال). يعود بنا الفيلم إلى طفولة باي في الهند. ولد هندوسياً، ثم اكتشف المسيحية والإسلام، وقرر اتباع الأديان الثلاثة رغم محاولة والده سانتوش (عادل حسين) العلماني نصحه باتباع المنطق. تقرر العائلة لاحقاً إغلاق حديقة الحيوانات التي امتلكتها والهجرة إلى كندا، مع نية الأب بيع حيواناته في أميركا الشمالية.

يرحل الجميع على باخرة بضائع يابانية، لتحدث عاصفة ينجو منها باي على قارب ملقى في عرض البحر مع نمره البنغالي ريتشارد باركر. يشكل هذا الجزء الثقل الرئيسي للرواية والفيلم، وتتبلور فيه دروس مارتيل. ما يعاني منه الفيلم هو الرواية نفسها. أي أنّ أصل العلة تكمن في قصة مارتيل. إذا تجنبنا نقد حبكة الرواية نفسها، لخَرجنا بفيلم جميل. لكنّ السينما لا تقيم هكذا، وليس بالإمكان فصل السياقات. ما أنتجه آنج لي هو أسلوب بلا محتوى. توظيف تقنية الأبعاد الثلاثة ودعم الفيلم بالإبهار البصري المطلوب كانا في مكانهما. عند العودة إلى القصة، نجدها تتناول ثيمات مختلفة، لكن الجانب الرئيسي هو الإيمان. لسنا هنا بصدد انتقاد ذلك، لكنّ الرواية تعتمد على طرد المنطق وتثبيت الخرافة. يتجاهل باي تعليمات والده في استخدام العقل والعلم، ويصرّ على البقاء في بحر الإيمان بمساعدة منطقه. هذه طريقته في صراعه للبقاء على سفينة نوح. بعد إنهاء دراسته في الفلسفة، أقام يان مارتيل في الهند لسنة حيث زار المعابد الدينية ليصبح قامة أدبية على شاكلة باولو كويلهو. رحلة نمطية لشاب غربي يبحث عن «التنوير». «حياة باي» ليس أكثر من توسل عاطفي يعتمد المغالطة، ودعوة لطرد العلم والمنطق، ولو كان مغلفاً بأسلوب أدبي جذاب أو بفيلم مبهر.



Life Of Pi: صالات «غراند سينما»، «أمبير»، «بلانيت»